لأنه لا يجب عليه إبقاء تلك النفوس ولا يجب عليه حفظها فيصدق عليه واجد الماء.
الثالث : أن تكون النفس محرمة الحفظ مثل الكافر الحربي والمرتد الفطري والزاني بالمحرم واللاّئط وأمثالهم ممن حكم الشرع عليهم بالقتل ، ومثل الكلب العقور المؤذي للمسلمين ونحوه ، فان حفظ هذه النفوس محرم شرعاً لكونها محكومة بالقتل.
وفي هذا القسم حكم الماتن بوجوب الوضوء أو الغسل على المكلف ولم يسوغ له التيمّم لغرض استبقاء الماء لحفظ هذه النفوس من العطش ، لكونها نفوساً لا يجوز حفظها من الموت والتلف. هذا خلاصة ما أفاده الماتن في المقام.
ولكن ممّا ذكرناه في الكبرى المتقدِّمة تظهر الخدشة فيما أفاده قدسسره في المقام.
وتوضيحه : أن ما أفاده في القسم الأوّل مما لا شبهة فيه ، لأن حفظ النفس المحترمة واجب شرعاً ولا بدل له فيتقدم على وجوب الصلاة مع الطهارة المائية التي لها بدل وهو الصلاة مع التيمّم ، حيث يكون حفظ النفس معجزاً مولوياً للمكلف عن استعمال الماء ، ومع عدم التمكن من استعمال الماء شرعاً أو عقلاً ينتقل الأمر إلى التيمّم.
وأمّا ما ذكره في القسم الثاني والثالث فلا يمكن المساعدة عليه : أما القسم الثاني الذي حكم فيه بالتخيير بين الطهارة المائية والترابية فلأن الجواز الطبعي لا ينافي الوجوب الفعلي لعارض كالتزاحم ، فإن سقي الماء للذمي أو الدابة المملوكة أو الذئب مثلاً وإن كان سائغاً في نفسه وطبعه لكنه لما كان مزاحماً لوجوب الوضوء فعلاً لتحقق شرطه وهو التمكن من استعمال الماء شرعاً وعقلاً أما عقلاً فواضح ، وأمّا شرعاً فلجواز صرف الماء في وضوئه وغسله وإن كان صرفه في سقي الذمي أو الدابة جائزاً في نفسه فلا يجوز التيمّم وترك الطهارة المائية لسقي الماء للذمي ونحوه.
وكذلك الحال إذا قلنا باستحباب السقي في بعض الموارد لقوله عليهالسلام : « لكل كبد حرى أجر » (١) لأن الاستحباب لا يزاحم الوجوب ، ومع التمكّن من
__________________
(١) تقدمت قريباً.