تقدّم في فروعه (١).
وتوضيحه : أنّه لا إشكال في استحباب الغسل وكونه عبادة في نفسه غير مؤقتة بل هناك قول بوجوبه النفسي كما قدّمناه وعليه لا فرق في محبوبيته واستحبابه قبل الوقت وبعده فللمكلّف أن يأتي به قبل الوقت أيضاً.
وأمّا الوضوء فهو إن كان مثل الغسل عبادة غير موقتة في نفسه كما استظهرناه في محلِّه وقلنا إنّ محبوبيته غير مؤقتة (٢) فهو كالغسل يجوز الإتيان به قبل الوقت أيضاً. وأمّا لو لم يثبت ما ذكرناه وكانت محبوبيته متوقفة على دخول وقت الصلاة فلا مانع من الإتيان به قبل الوقت تهيؤاً للصلاة في أوّل وقتها. وتدل عليه السيرة المتشرعية حيث جرت سيرتهم على التهيؤ والوضوء قبل الوقت للتمكّن من إقامة الجماعة في أوّل الوقت.
وهذه السيرة لم تقم في التيمّم بأن يتيمموا للتهيؤ للصلاة ، ومن هنا لم يجز الإتيان بالتيمّم قبل الوقت بوجه.
نعم لو أتى بالتيمّم قبل الوقت لغاية من غاياته المشروعة له كالتيمم لصلاة القضاء في الموارد الّتي يجوز فيها التيمّم للقضاء دون ما لا يجوز كما يأتي تفصيله في محلِّه (٣) فلو تيمّم ثمّ دخل وقت الصلاة لم يجب عليه أن يتيمّم ثانياً لأجل فريضة الوقت ، فإنّه متطهر ولا يجب التيمّم على المتطهّر ، بل له الشروع في الفريضة بتيممه السابق الّذي وقع صحيحاً حسب الفرض.
ثمّ إنّ التيمّم كالوضوء والغسل في كونه عبادة مستحبّة في ذاتها ، ومن هنا قلنا إنّ عبادية الطّهارات الثلاث ومحبوبيتها ناشئة من استحبابها الذاتي ولم تنشأ من الأمر الغيري المتعلق بها على القول بالوجوب الغيري فضلاً عمّا لو لم نلتزم به. إلاّ أنّ الكلام
__________________
(١) في شرح العروة ٦ : ٣٤٩.
(٢) شرح العروة ٥ : ٣.
(٣) في ص ٣٣٩.