جملة من المستحبات لما ثبت في محله من أنّ اقتران الكلام بما ثبت استحبابه من الخارج لا يمنع من الظهور في الوجوب فيما عداه الفاقد للقرينة على الخلاف (١) سيّما بناءً على مسلكنا من خروج الوجوب والاستحباب عن مدلول الأمر وكونهما بحكم العقل ومنتزعين من الاقتران بالترخيص في الترك وعدمه (٢) ، فما ثبت اقترانه بالترخيص في الترك كان مستحبّاً وإلاّ حكم العقل بوجوبه ، وحيث لم يثبت الترخيص المزبور في التكبير كان واجباً. وليت شعري كيف غفل الأصحاب عن التمسك بهذه الصحيحة في المقام مع وضوح دلالتها واستنادهم إليها في كثير من المقامات متعرضين للإشكال المزبور ودفعه بما ذكر.
__________________
في الوجوب ، فيؤخذ به ما لم تقم قرينة على الخلاف حسبما قرره ( دام ظله ) إلا أنّ لقائل أن يقول : إنّ التأمل في صدر الصحيحة يقضي بأنّه عليهالسلام لم يكن بصدد تعليم الصلاة الواجبة لإباء مقام حماد عن خفاء مثل ذلك عليه ، ولا سيّما مع التقبيح والتوبيخ الشنيع بمثل قوله عليهالسلام « ما أقبح بالرجل منكم » إلخ ، أفهل يحتمل أنّ مثل هذا الرجل العظيم وهو من أجلة الفقهاء ، بل من أصحاب الإجماع يأتي عليه ستون أو سبعون سنة وهو لا يدري الحدود الواجبة للصلاة.
إذن فلا ينبغي التأمل في أنّه عليهالسلام بصدد تعليم الصلاة بحدودها التامة ومزاياها الكاملة كما أُشير إليه في صحيحة أُخرى لحماد بقوله عليهالسلام « إنّ للصلاة أربعة آلاف حد » [ المستدرك ٤ : ٨٤ / أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ٢ ] ، وعليه فلا ظهور للأمر المزبور إلا في الإرشاد إلى مثل هذه الصلاة ، دون الوجوب التعييني كما ادعي ، فلا تصلح للاستشهاد حتى فيما لم تقم قرينة على الخلاف ، لما عرفت من احتفافها بقرينة داخلية قاضية بعدم سوقها لبيان الحدود الواجبة.
ومنه تعرف أنّ ما في المتن من الاستغراب في غير محله ، بل ينبغي الاستغراب من الاستدلال بها في سائر المقامات فلاحظ.
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣٨.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣١.