وكيف كان ، فلا ينبغي الريب في كون النهي في المقام إرشادياً ، وهل هو إرشاد إلى المانعية ، نظير النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لحمه ، أو إرشاد إلى تقيّد السورة المأمور بها بعدم كونها من سور العزائم ، وأنّ هذه ليست جزءاً من الصلاة ، بل الجزء سورة أُخرى غيرها ، نظير النهي عن السجود على القير الذي هو إرشاد إلى أنّ مثله ليس مصداقاً للسجود الواجب ، بل هو مقيد بغيره ، أو أنّه إرشاد إلى معنى آخر لا هذا ولا ذاك.
أمّا الأوّل ، فبعيد عن سياق هذه الأخبار غايته ، إذ النهي لم يتعلق بالصلاة مع هذه السورة كما في مثال ما لا يؤكل ، بل بجزء منها وهي القراءة ، فغايته فساد الجزء لا أصل الصلاة ، فهو نظير النهي عن السجود على القير الذي يكون مقتضى القاعدة في مثله فساد السجود خاصة ، وجواز الإتيان بسجود آخر على غير القير لولا قيام الدليل على بطلان الصلاة بزيادة السجود عمداً.
وأمّا الثاني ، فهو وإن لم يكن بعيداً بحسب النظر البدوي لكن يضعّفه أمران :
أحدهما : أنّه مبني على الالتزام بوجوب السورة حتى يقيد إطلاق دليله بذلك ، وقد عرفت انّه محل مناقشة ، بل منع ، وإنما الوجوب كان مبنيّاً على الاحتياط فالجزئية غير ثابتة من أصلها فكيف تكون إرشاداً إلى تقييدها فليتأمل.
ثانيهما : تعليل النهي في ذيل بعض هذه الأخبار بأنّه زيادة في المكتوبة فيظهر من ذلك أنّ سورة العزيمة في حدّ نفسها لا قصور في اتصافها بالوجوب ووقوعها مصداقاً للمأمور به ، فلا يتقيد دليل وجوب السورة بعدمها ، لكونها واجدة لعين الملاك الذي تشتمل عليه سائر السور ، وإنّما المانع من قراءتها لزوم السجود الذي هو زيادة في الفريضة.
فالصواب : أنّ النهي في هذه الأخبار إرشاد إلى أمر خارجي ، وهو التحذير