المعصومين : ، مع أنّ المسألة كثيرة الدوران ومحل الابتلاء ، ولو كان الوجوب ثابتاً كالرجال لاشتهر وبان ، فالسيرة القولية والعملية كاشفة عن عدم الوجوب ، وهي بنفسها دليل مستقل.
وربما يستدل للحكم : بخبر علي بن جعفر قال : « وسألته عن النساء هل عليهنّ الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال : لا ... » إلخ (١).
لكنه ضعيف السند من أجل عبد الله بن الحسن فليس بمعتمد. ودعوى الانجبار ممنوعة كبرى ، بل وكذا صغرى ، للقطع بعدم استناد الأصحاب إلى هذا الخبر ، فانّ البناء وكذا السيرة على عدم وجوب الجهر عليهنّ كان ثابتاً في الأزمنة السالفة حتى قبل صدور هذه الرواية ، وقبل أن يخلق علي بن جعفر.
وربما يستدل أيضاً : بأنّ صوت المرأة عورة فمن أجله سقط عنها الجهر.
وفيه أوّلاً : أنّه لا دليل عليه ، بل إنّ السيرة العملية منذ عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى زماننا هذا قائم على الاستماع والتكلم معهنّ وإسماعهنّ الرجال ، فلم ينهض دليل على أنّ صوتها عورة كي يحرم السماع أو الإسماع.
وثانياً : أنّ اللاّزم مع التسليم اختصاص الحكم بما إذا سمع صوتها الأجنبي فمع عدمه وجب الجهر عليهنّ ، لفقد المانع حينئذ بعد شمول دليل الجهر لهنّ كما هو المفروض ، مع أنّه لم يقل به أحد ، بل هي مخيّرة فيه على التقديرين إجماعاً.
وثالثاً : أنّ لازم ذلك حرمة الجهر عليهنّ ، لحرمة الإسماع لا عدم الوجوب ولا قائل بالحرمة ، بل الفتوى على سقوط الجهر وعدم الوجوب.
وممّا يدل على عدم حرمة الجهر عليهن ويكشف (٢) أيضاً عن عدم كون
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٩٥ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣١ ح ٣.
(٢) هذا الكشف غير واضح ، لابتنائه على انعقاد الإطلاق من حيث شمول الإسماع