وقد استدلّ على المشهور من اعتبار الترتيب المزبور بوجوه كلها ضعيفة ، ما عدا صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة (١) حيث أُنيط فيها إجزاء التكبير والتسبيح بالعجز عن قراءة القرآن لا عن خصوص الفاتحة ، فالانتقال إلى الذكر متفرع على العجز عن طبيعي القراءة ، ولازم ذلك هو الترتيب والطولية فيسقط التخيير.
ويؤيّدها قوله تعالى ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (٢) ، وما في خبر الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام من أنّ العلة في قراءة القرآن في الصلاة لئلاّ يكون القرآن مهجوراً ، والعلة في اختصاص الفاتحة بالوجوب لاشتمالها على جوامع الكلم (٣) حيث يظهر منه تعدد المطلوب ، فاذا فات المطلوب الأرقى بقي المطلوب الأدنى بحاله ، فوجب قراءة غير الفاتحة من سائر القرآن مهما أمكن رعاية لأدنى المطلوبين ، لكن العمدة ما ذكرناه من الصحيحة ، إذ في هذين الوجهين ما لا يخفى وسنشير إليه فلا يصلحان إلاّ للتأييد.
هذا إذا لم يتمكن من الفاتحة أصلاً ، وأمّا إذا تمكن من بعضها ، فان كان المقدور هو معظم الفاتحة فلم يرد النقص إلاّ على مقدار يسير منها كربعها بل وثلثها ، بحيث صدق على الباقي عنوان الفاتحة ، فلا إشكال في وجوب الإتيان به ووجهه ظاهر ، وأمّا إذا كان الفائت مقداراً معتنى به كالنصف أو الثلثين ، بحيث لم يصدق على المقدور عنوان الفاتحة ، فقد استدلّ على وجوب قراءته حينئذ بوجوه ضعيفة كقاعدة الميسور ، وما لا يدرك ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » (٤) ، والاستصحاب ، والكل كما ترى.
__________________
(١) الوسائل ٦ : ٤٢ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٣ ح ١.
(٢) المزمل ٧٣ : ٢٠.
(٣) الوسائل ٦ : ٣٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٣.
(٤) عوالي اللآلي ٤ : ٥٨.