والعمدة الاستدلال عليه بأحد وجهين :
أحدهما : تسالم الأصحاب واتفاقهم على ذلك بحيث لم ينقل الخلاف عن أحد.
ثانيهما : صحيحة ابن سنان المتقدمة بضميمة العلم الخارجي بتقدم الفاتحة على غيرها من سائر القرآن في الصلاة ، فإنّ مقتضى الصحيحة أنّ التسبيح إنّما يجزئ بعد العجز عن طبيعي القرآن ، غير المتحقق في المقام بعد تمكنه من بعض الفاتحة ، فإنّه مصداق للقرآن كما هو ظاهر ، فلا تصل النوبة إلى التسبيح ، وحيث إنّا نقطع من الخارج أنّ الفاتحة مقدمة على بقية سور القرآن في القراءة المعتبرة في الصلاة ولذا تتقدم على ما عداها لدى الاختيار ، فلا نحتمل تقدم غيرها أو التخيير بينها وبين الفاتحة ولو بعضها في المقام. فالصحيحة بضميمة هذا العلم الخارجي تنتج وجوب الإتيان بالفاتحة بالمقدار الممكن.
وهل يجب التعويض حينئذ عن الباقي؟ فيه خلاف نسب إلى المشهور الوجوب واستدلّ عليه بأُمور :
أحدها : قاعدة الاشتغال ، إذ لا جزم بفراغ الذمة عن عهدة التكليف المقطوع إلاّ بالتعويض.
والجواب : عنه ظاهر ، فإنّه من موارد الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطي والصحيح أنّه مجرى البراءة دون الاشتغال.
ثانيها : قوله تعالى ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (١) وظاهر الأمر الوجوب.
وفيه أوّلاً : أنّ الآية المباركة غير ناظرة إلى حال الصلاة ، بل هي مطلقة ومعلوم أنّ الأمر حينئذ محمول على الاستحباب.
وثانياً : على تقدير كونها ناظرة إلى الصلاة ومختصة بها ، فليس المراد كل ما
__________________
(١) المزمل ٧٣ : ٢٠.