لا تدل على أكثر من الاحتياط من جهة رواية الحسين بن حماد الآتية (١) دون الفتوى ، وقد مال إلى هذا القول صاحب الحدائق (٢) ، مدعياً دلالة الصحيحة عليه ، غير أنّه توقف فيه أخيراً ، إذ لم يجد قائلاً به صريحاً ، وناقش في عبارة الخلاف بما عرفت.
وكيف كان ، فلا بدّ من النظر إلى الأخبار ، ولا شك أنّ مقتضى الإطلاقات هو بقاء التخيير كما عليه المشهور ، فان ثبت التخصيص وإلاّ فالإطلاق هو المحكّم ، وقد استدلّ للوجوب بوجوه :
أحدها : النبوي « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٣) وبمضمونه صحيحة محمد ابن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته ، قال : لا صلاة له إلاّ أن يقرأ بها في جهر أو إخفات ... » إلخ (٤) حيث إنّ ظاهرها نفي حقيقة الصلاة عن الفاقدة للفاتحة ، فلو نسيها في الأولتين لا مناص من الإتيان في الأخيرتين كي لا تخلو الصلاة عنها.
وفيه أوّلاً : أنها منصرفة إلى العامد كما لا يخفى.
وثانياً : لو سلّم الإطلاق ودلالتها على الاعتبار في حقيقة الصلاة مطلقاً فغاية ما يُستفاد منها اعتبار الفاتحة في المحل المعيّن المعهود المقرّر له شرعاً أعني الركعتين الأولتين ، فلو كنا نحن والصحيحة مع قطع النظر عن حديث لا تعاد لحكمنا بالبطلان لدى الإخلال بها ولو سهواً في محلها الموظف لها ، غير أنّ مقتضى الحديث الحاكم عليها هو الصحة. وأمّا لزوم الإتيان بها في محل
__________________
(١) في ص ٤٥٧.
(٢) الحدائق ٨ : ٤٢٠.
(٣) عوالي اللآلي ١ : ١٩٦ ، المستدرك ٤ : ١٥٨ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ٥.
(٤) الوسائل ٦ : ٣٧ / أبواب القراءة في الصلاة ب ١ ح ١.