الأمر بينهما بلا اختصاص بمسألة دون اخرى وبباب دون آخر.
ويرد عليه أوّلاً : أنّ الاستقراء لا يثبت بهذا المقدار حتى الاستقراء الناقص فضلاً عن التام ، فانّ الاستقراء الناقص عبارة عن تتبع أكثر الجزئيات والأفراد وتفحصها ليفيد الظن بثبوت كبرى كلية ، في قبال الاستقراء التام الذي هو عبارة عن تتبع تمام الأفراد ، ولذلك يفيد القطع بثبوت كبرى كلية ، ومن الواضح جداً أنّ الاستقراء الناقص لا يثبت بهذين الموردين.
وثانياً : أنّ الأمر في هذين الموردين أيضاً ليس كذلك ، وأنّ الحكم بعدم الجواز فيهما ليس من ناحية هذه القاعدة ، بيان ذلك :
أمّا في مورد الاستظهار ، فلأنّ الروايات الواردة فيه في باب الحيض والنفاس مختلفة غاية الاختلاف ، ولأجل اختلاف تلك الروايات والنصوص في المسألة اختلفت الأقوال فيها ، فذهب بعضهم كالمحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) والسيد والعلاّمة الطباطبائي قدسسرهم في العروة (٢) إلى استحباب الاستظهار وعدم وجوبه. وجعل المحقق صاحب الكفاية قدسسره اختلاف النصوص قرينة على الاستحباب وعدم اهتمام الشارع بالاستظهار ، كما جعل قدسسره اختلاف النصوص قرينة على عدم الالزام في غير هذا المورد أيضاً ، منها : مسألة الكر. وعلى الجملة : فهذا من الأصل المسلّم عنده قدسسره ففي كل مسألة كانت النصوص مختلفة غاية الاختلاف كهذه المسألة مثلاً ولم تكن قرينة من الخارج على أنّ الحكم في المسألة إلزامي جعل الاختلاف قرينة على عدم كون الحكم فيها إلزامياً.
__________________
(١) كتاب في الدماء الثلاثة : ٣٩.
(٢) العروة الوثقى ١ : ٢١٩ المسألة ٢٣ [٧٢٣].