الاولى : أنّ فرض إحراز الفقهاء عدم وجود ملاك لأحد الحكمين في مورد الاجتماع بين الدليلين اللذين كانت النسبة بينهما عموماً من وجه في جميع أبواب الفقه أمر غريب ، فان هذا يختص بمن كان عالماً بالجهات الواقعية والملاكات النفس الأمرية ، ومن هنا قد ذكرنا غير مرّة أنّه لا طريق لنا إلى إحراز ملاكات الأحكام مع قطع النظر عن ثبوتها ، فإذن من أين يعلم الفقيه بعدم اشتمال المجمع لأحد الملاكين من أوّل الفقه إلى آخره.
وعلى الجملة : فعلى وجهة نظره قدسسره من أنّ المجمع في مورد الاجتماع لا بدّ أن يكون مشتملاً على ملاك كلا الحكمين معاً وإلاّ فلا يكون من باب الاجتماع أصلاً ، فلا بدّ من فرض جهة وجوب وجهة حرمة في إكرام العالم الفاسق ، ليكون داخلاً في هذا الباب ، أي باب الاجتماع.
وعلى هذا الأساس يدخل جميع موارد التعارض بالعموم من وجه كهذا المثال في هذا الباب ، إلاّ إذا علم من الخارج بعدم وجود الملاك لأحد الحكمين في مورد الاجتماع ، فوقتئذ يدخل في باب التعارض. وأمّا معاملة الفقهاء ( رضوان الله عليهم ) مع هذا المثال وما شاكله معاملة التعارض بالعموم من وجه إنّما يكون لأحد سببين :
الأوّل : من ناحية علمهم بعدم وجود الملاك لأحدهما في مورد الاجتماع في تمام أبواب الفقه.
الثاني : من ناحية التزامهم بالقول بالامتناع في المسألة ـ أي مسألة الاجتماع ـ وعدم كفاية تعدد العنوان أو الاضافة للقول بالجواز.
ولنأخذ بالمناقشة في كليهما.
أمّا السبب الأوّل : فلأ نّه يرتكز على كون الفقهاء عالمين بالجهات الواقعية