على الموجودات الخارجية ، فالشيء الموجود يتصف بالصحة مرةً وبالفساد اخرى. وأمّا الماهيات فهي مع قطع النظر عن طروء الوجود عليها لا يعقل اتصافها بالصحة أو الفساد أبداً ، والسبب في ذلك : أنّ الصحة لا تخلو من أن تكون من الامور الانتزاعية أو الامور المجعولة ، فعلى كلا التقديرين لا يعقل عروضها على الماهية المعدومة في الخارج.
أمّا على الأوّل فظاهر ، حيث إنّها في العبادات إنّما تنتزع من انطباق الطبيعة المأمور بها على العمل المأتي به في الخارج ، كما أنّ الفساد فيها ينتزع من عدم انطباقها عليه. وكذا المعاملات ، فانّ الصحة فيها تنتزع من انطباق طبيعة المعاملة الممضاة شرعاً على الفرد الموجود في الخارج ، كما انّ الفساد فيها ينتزع من عدم انطباقها عليه ، فمورد عروض الصحة والفساد إنّما هو الفرد الخارجي باعتبار الانطباق وعدمه.
وأمّا على الثاني فكذلك ، فانّ حكم الشارع بالصحة أو الفساد إنّما هو للعمل الصادر من المكلف في الخارج ، وأمّا العمل الذي لم يصدر منه فلا يعقل أن يحكم الشارع بصحته تارةً وبفساده تارة اخرى ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ الصحة والفساد إنّما تعرضان على الشيء المركب ذي الأثر في الخارج دون البسيط فيه ، والوجه في هذا واضح ، وهو أنّ الشيء إذا كان مركباً وكان ذا أثر فبطبيعة الحال إذا وجد في الخارج جامعاً لجميع الأجزاء والشرائط اتصف بالصحة باعتبار ترتب أثره المترقب منه ، وإذا وجد فاقداً لبعض الأجزاء أو الشرائط اتصف بالفساد باعتبار عدم ترتب أثره على الفاقد. وأمّا إذا كان بسيطاً فهو لا يخلو من أن يكون موجوداً في الخارج أو معدوماً فيه ولا ثالث لهما ، ومعه كيف يعقل اتصافه بالصحة مرة وبالفساد مرة اخرى.