تدور فعلية الحكم مدار فعلية موضوعه فيستحيل أن يكون الحكم فعلياً فيها بدون فعلية موضوعه ، فلا حكم قبل فعليته إلاّعلى نحو الفرض والتقدير.
ومن ناحية ثالثة : أنّ الحكم ينحل بانحلال أفراد موضوعه في الخارج فيثبت لكل فردٍ منه حكم على حدة.
ومن ناحية رابعة : أنّ معنى اتصاف المعاملات بالصحة أو الفساد إنّما هو ترتب الأثر الشرعي عليها وعدم ترتبه ، ومن الواضح أنّ الأثر الشرعي إنّما يترتب على المعاملة الموجودة في الخارج دون الطبيعي غير الموجود فيه.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي : هي أنّ المعاملات بما أنّها اخذت مفروضة الوجود في لسان أدلتها فبطبيعة الحال تتوقف فعلية الامضاء على فعليتها في الخارج ، فما لم تتحقق المعاملة فيه لم يعقل تحقق الامضاء لاستحالة فعلية الحكم بدون فعلية موضوعه. وعلى ذلك فاذا تحقق بيع مثلاً في الخارج تحقق الامضاء الشرعي وإلاّ فلا إمضاء أصلاً ، لما عرفت من أنّ الامضاء الشرعي في باب المعاملات لم يجعل لها على نحو صرف الوجود لتكون صحتها منتزعةً من انطباقها على الفرد الموجود ، وفسادها من عدم انطباقها عليه.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ المعاملات بما أنّها موضوعات للامضاء الشرعي فبطبيعة الحال يتعدد الامضاء بتعدد أفرادها ، فيثبت لكل فرد منها إمضاء مستقل ، مثلاً الحلية في قوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(١) تنحل بانحلال أفراد البيع فتثبت لكل فردٍ منه حلية مستقلة غير مربوطة بالحلية الثابتة لفرد آخر منه وهكذا ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّا لا نعقل للصحة والفساد في باب المعاملات معنىً إلاّ
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.