وأمّا الصحة الظاهرية فالصحيح أنّها مجعولة شرعاً في العبادات والمعاملات.
أمّا في الاولى : فكالصحة في موارد قاعدتي التجاوز والفراغ ، فانّه لولا حكم الشارع بانطباق المأمور به على المشكوك فيه تعبداً ، لكانت العبادة محكومة بالفساد لا محالة.
وأمّا في الثانية : فكالصحة في موارد الشك في بطلان الطلاق أو نحوه ، فانّه لولا حكم الشارع بالصحة في هذه الموارد لكان الطلاق مثلاً محكوماً بالفساد لا محالة ، هذا.
والصحيح : ما اخترناه وهو التفصيل بين كون الصحة والفساد في العبادات غير مجعولين شرعاً وفي المعاملات مجعولين كذلك.
أمّا في العبادات ، فقد عرفت أنّهما منتزعان من انطباقها على الموجود الخارجي وعدم انطباقها عليه فلا تنالهما يد الجعل أصلاً.
وأمّا في المعاملات ، فالأمر فيها ليس كذلك ، والسبب فيه هو أنّها تمتاز عن العبادات في نقطة واحدة وتلك النقطة هي الموجبة لافتراقها عن العبادات من هذه الناحية ، وهي : أنّ نسبة المعاملات إلى الامضاء الشرعي في إطار أدلته الخاصة نسبة الموضوع إلى الحكم لا نسبة المتعلق إليه ، وهذا بخلاف العبادات كالصلاة ونحوها ، فانّ نسبتها إلى الحكم الشرعي نسبة المتعلق لا الموضوع ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّنا قد حققنا في محلّه (١) أنّ موضوع الحكم في القضايا الحقيقية قد اخذ مفروض الوجود في مقام التشريع والجعل دون متعلقه ، ولذا
__________________
(١) راجع ص ٢٦٣ ، ٣٣٥ ، والمجلد الثالث من هذا الكتاب ص ١٨١.