وأمّا في المعاملات فكذلك ، حيث إنّها لا تتصف بالصحة أو الفساد في مقام الجعل والامضاء ، وإنّما تتصف بهما في مقام الانطباق والخارج ، مثلاً البيع ما لم يوجد في الخارج لا يعقل اتصافه بالصحة أو الفساد ، فاذا وجد فيه فان انطبق عليه البيع الممضى شرعاً اتصف بالصحة وإلاّ فبالفساد ، وكذا الحال في الاجارة والنكاح والصلح وما شاكل ذلك.
وبكلمة اخرى : أنّ الممضاة شرعاً إنّما هي المعاملات الكلية بمقتضى أدلة الامضاء كقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(١) و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٢) و ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ )(٣) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « النكاح سنّتي » (٤) وقوله عليهالسلام : « الصلح جائز بين المسلمين » (٥) ونحو ذلك ، دون أفرادها الخارجية ، وإنّما تتصف تلك الأفراد بالصحة تارةً وبالفساد اخرى باعتبار انطباق تلك المعاملات عليها وعدم انطباقها ، فاذا وقع بيع في الخارج ، فان انطبق عليه البيع الكلي الممضى شرعاً حكم بصحته وإلاّ فلا ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : قد عرفت أنّ الانطباق وعدمه أمران تكوينيان غير قابلين للجعل تشريعاً.
فالنتيجة على ضوئهما : أنّ حال الصحة والفساد في المعاملات حالهما في العبادات فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، هذا كلّه في الصحة الواقعية.
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.
(٢) المائدة ٥ : ١.
(٣) النساء ٤ : ٢٩.
(٤) المستدرك ١٤ : ١٤٩ / أبواب مقدمات النكاح ب ١ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).
(٥) الوسائل ١٨ : ٤٤٣ / كتاب الصلح ب ٣ ح ٢.