فما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره من الكبرى وهي عدم إمكان جريان التزاحم بين النقيضين ولا بين الضدّين لا ثالث لهما ولا بين المتلازمين الدائميين ، وإن كان تاماً ، إلاّ أنّه لا ينطبق على المقام كما عرفت.
وبعد بيان ذلك نأخذ بالمناقشة على جوابه قدسسره عن هذا القسم ، وهي أنّ ما ذكره قدسسره في باب الاجارة المتعلقة بعبادة مستحبة في موارد النيابة عن الغير غير تام في نفسه ، وعلى فرض تماميته لا ينطبق على ما نحن فيه ، فلنا دعويان :
الاولى : عدم تمامية ما أفاده في موارد الاجارة المتعلقة بعبادة الغير.
الثانية : أنّه على تقدير تماميته لا ينطبق على المقام.
أمّا الدعوى الاولى : فقد حققنا في محلّه (١) أنّ الأوامر المتصورة في موارد الاجارة المتعلقة بعبادة الغير أربعة :
الأوّل : الأمر المتوجه إلى شخص المنوب عنه المتعلق بعبادته ، كالصلاة والصوم والزكاة والحج ونحو ذلك. وهذا الأمر يختص به ولا يعم غيره ، ويسقط هذا الأمر عنه بموته أو نحوه. ولا يفرق في صحة الاجارة بين بقاء هذا الأمر ، كما إذا كان المنوب عنه حياً ومتمكناً من الامتثال بنفسه ، كمن نسي الرمي وذكره بعد رجوعه إلى بلده ، أو كان حيّاً وعاجزاً عن الامتثال ، كما في الاستنابة في الحج عن الحي فإنّ التكليف كما يسقط بموت المكلف كذلك يسقط بعجزه ، لاستحالة التكليف في هذا الحال ، لأنّه من التكليف بالمحال ، وهو مستحيل من الحكيم. وكيف كان ، فبقاء هذا الأمر وعدم بقائه وسقوطه بالاضافة إلى صحة الاجارة على حد سواء ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أبداً.
__________________
(١) راجع مصباح الفقاهة ١ : ٤٥٩ وما بعدها ، مبحث الاجرة على الواجبات ، النيابة في العبادات.