ومن ذلك يظهر أنّ هذا الأمر أجنبي عن النائب بالكلية ، فلا يكون متوجهاً إليه أصلاً ، بداهة أنّه لا يعقل توجه تكليف شخصٍ إلى آخر ، فإنّه خاص به ويسقط بموته أو نحوه ، ولا يمكن توجهه إلى غيره ، وهذا واضح.
وعلى هذا الضوء فقد تبيّن أنّ هذا الأمر مباين للأمر الناشئ من قبل الاجارة المتوجه إلى النائب ، ولا يمكن دعوى اتحاده معه أبداً ، لفرض أنّهما مختلفان بحسب الموضوع ، فيكون موضوع أحدهما غير موضوع الآخر ، فان موضوع الأوّل هو المنوب عنه ، وموضوع الثاني هو النائب ، ومع هذا كيف يعقل دعوى الاتحاد بينهما واندكاك أحدهما في الآخر ، ضرورة أنّه فرع وحدة الموضوع ، كما هو واضح.
الثاني : الأمر المتوجه إلى شخص النائب المتعلق بعباداته كالصلاة ونحوها ، ومن المعلوم أنّ هذا الأمر أجنبي عن الأمر الأوّل بالكلية ، لفرض أنّهما مختلفان بحسب الموضوع والمتعلق ، فان موضوع الأمر الأوّل هو المنوب عنه ، وموضوع الأمر الثاني هو النائب ، ومتعلقه هو فعل المنوب عنه ، ومتعلق الثاني هو فعل النائب نفسه ، ومع هذا الاختلاف لا يعقل اتحاد أحدهما مع الآخر أبداً كما هو ظاهر ، كما أنّ هذا الأمر أجنبي عن الأمر الناشئ من ناحية الاجارة المتوجه إليه ، وذلك لاختلافهما بحسب المتعلق ، فان متعلق هذا الأمر هو فعل النائب ، ومتعلق ذاك الأمر هو فعل المنوب عنه ، غاية الأمر أنّه ينوب عنه في إتيانه في الخارج ، ومع هذا الاختلاف لا يعقل دعوى الاتحاد بينهما أصلاً ، وهذا واضح.
الثالث : الأمر المتوجه إلى النائب المتعلق باتيان العبادة نيابة عن الغير ، وهذا الأمر الاستحبابي متوجه إلى كل مكلف قادر على ذلك ، فيستحب للانسان أن يصلي أو يصوم نيابة عن أبيه أو جدّه أو امّه أو استاذه أو صديقه