الشك فيهما يبتني على الخلاف في جريان أصالة البراءة أو الاشتغال في كبرى مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، هذا حسب ما تقتضيه القاعدة الأوّلية.
وأمّا بالنظر إلى القواعد الثانوية الحاكمة على القواعد الأوّلية فربّما يحكم بصحة العبادة أو المعاملة عند الشك فيها بقاعدة الفراغ أو التجاوز أو الصحة أو نحو ذلك.
وأمّا صاحب الكفاية قدسسره (١) ففي بعض نسخ كتابه وإن كان هذا التفصيل موجوداً إلاّ أنّه ضرب خط المحو عليه واختار القول الأوّل ـ وهو الفساد مطلقاً ـ وقال : نعم ، كان الأصل في المسألة الفرعية الفساد لو لم يكن هناك إطلاق أو عموم يقتضي الصحة في المعاملة ، وأمّا العبادة فكذلك لعدم الأمر بها مع النهي عنها كما لا يخفى.
والصحيح هو ما اختاره صاحب الكفاية قدسسره من النظرية في المسألة بيان ذلك :
أمّا في العبادات : فلأنّ محل الكلام هنا ليس في مطلق الشك في صحة العبادة وفسادها سواء أكانت متعلقة للنهي أم لم تكن وكانت الشبهة موضوعية أم كانت حكمية ، بل محل الكلام إنّما هو في خصوص عبادة شك في صحتها وفسادها من ناحية كونها متعلقة للنهي ومحرّمة فعلاً ، وأمّا ما لا تكون كذلك فليس من محل الكلام في شيء ، سواء أكان الشك في صحتها وفسادها من ناحية الشك في انطباق المأمور به عليها أو من الشك في أصل مشروعيتها ، أو في اعتبار شيء فيها جزءاً أو شرطاً مع عدم الشك في أصل مشروعيتها ، فانّ
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٨٤.