كل ذلك خارج عن مفروض الكلام في المسألة. وعليه فما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره من الأصل في هذه الموارد وإن كان تاماً في الجملة إلاّ أنّه أجنبي عن محل الكلام ، فمحل الكلام في المسألة ما ذكرناه.
وعلى هذا فلا محالة يكون مقتضى الأصل في العبادة هو الفساد ، والسبب فيه واضح ، وهو أنّ العبادة إذا كانت محرّمة ومبغوضة فعلاً للمولى فبطبيعة الحال هي توجب تقييد إطلاق دليلها بغيرها ـ الحصة المنهي عنها ـ بداهة أنّ المحرّم لا يعقل أن يقع مصداقاً للواجب والمبغوض مصداقاً للمحبوب ، فاذن كيف يمكن الحكم بصحتها.
وإن شئت قلت : إنّ صحتها ترتكز على أحد أمرين : الأوّل : أن تكون مصداقاً للطبيعة المأمور بها. الثاني : أن تكون مشتملة على الملاك في هذا الحال ، ولكن شيئاً من الأمرين غير موجود. أمّا الأوّل : فلما عرفت من استحالة كون العبادة المنهي عنها مصداقاً للمأمور به. وأمّا الثاني : فلما ذكرناه غير مرّة من أنّه لا يمكن إحراز اشتماله على الملاك إلاّبأحد طريقين : وجود الأمر به. وانطباق الطبيعة المأمور بها عليه ، وأمّا إذا افترضنا أنّه لا أمر ولا انطباق فلا يمكن إحراز اشتمالها على الملاك ، والمفروض فيما نحن فيه هو انتفاء كلا الطريقين معاً ، ومعه كيف يمكن إحراز اشتمالها على الملاك ، فانّ سقوط الأمر كما يمكن أن يكون لأجل وجود مانع مع ثبوت المقتضي له يمكن أن يكون لأجل عدم المقتضي له في هذا الحال.
فالنتيجة في نهاية الشوط : هي أنّ مقتضى الأصل في العبادة هو الفساد مطلقاً.
وأمّا في المعاملات : فإن كان هناك عموم أو إطلاق وكان الشك في صحة المعاملة المنهي عنها وفسادها من جهة الشبهة الحكمية فلا مانع من التمسك به