لاثبات صحتها ، ضرورة أنّه لا تنافي بين كون معاملة محرمة ووقوعها صحيحة في الخارج ، إلاّ أنّ هذا الفرض خارج عن محل الكلام ، حيث إنّه فيما إذا لم يكن دليل اجتهادي من عموم أو إطلاق في البين يقتضي صحتها ، أو كان ولكنّ الشبهة كانت موضوعية فلا يمكن التمسك بالعموم فيها ، فعندئذ بطبيعة الحال المرجع هو الأصل العملي ، ومقتضاه الفساد.
مثلاً لو شككنا في صحة نكاح الشغار أو فساده ولم يكن دليل من الخارج على صحته أو فساده لا عموماً ولا خصوصاً فالمرجع هو الأصل ، وهو يقتضي فساده وعدم حصول العلقة الزوجية بين الرجل والمرأة. وكذا الحال فيما إذا شككنا في صحة معاملة وفسادها من ناحية الشبهة الموضوعية.
وقد تحصّل من ذلك : أنّ مقتضى الأصل في المعاملات أيضاً هو الفساد مطلقاً ، فلا فرق بينها وبين العبادات من هذه الناحية. نعم ، فرق بينهما من ناحية اخرى وهي أنّه لا تنافي بين حرمة المعاملة تكليفاً وصحتها وضعاً كما ستأتي الاشارة إلى ذلك بشكل موسع (١) وهذا بخلاف العبادة فانّ حرمتها لا تجتمع مع صحتها كما عرفت.
وبكلمة واضحة : أنّ النهي المتعلق بالمعاملة إذا كان إرشادياً ومسوقاً لبيان مانعية شيء عنها كالنهي عن بيع الغرر أو بيع ما ليس عندك وما شاكل ذلك فلا إشكال في دلالته على الفساد ، ومن هنا قلنا بخروج هذا القسم من النهي عن محل الكلام في المسألة ، وقد أشرنا إلى ذلك في ضمن البحوث المتقدمة بشكل موسع (٢) فالكلام هنا إنّما هو في دلالة النهي النفسي المولوي على الفساد
__________________
(١) في ص ١٦٦.
(٢) في ص ١٣٥ ـ ١٣٦.