للنهي عن الملكية المسببة عن هذا السبب الخاص ، لفرض أنّه لا يقدر على إيجادها بايجاد سببها ، ومعه لا محالة يكون النهي عنه نهياً عن غير مقدور وهو محال ، لاعتبار القدرة في متعلقه كالأمر.
وقد اختار شيخنا الاستاذ قدسسره (١) تفصيلاً ثانياً في المقام : وهو أنّ النهي إذا تعلق بالمسبب دلّ على الفساد وإذا تعلق بالسبب لم يدل عليه. هذه هي الأقوال في المسألة.
والصحيح في المقام أن يقال : إنّ النهي عن المعاملة لا يدل على فسادها وأ نّه لا ملازمة بين حرمة معاملة وبطلانها أصلاً ، بيان ذلك يحتاج إلى مقدمة : وهي أنّنا قد ذكرنا غير مرّة أنّ الأحكام الشرعية بشتى أشكالها وألوانها : التكليفية والوضعية امور اعتبارية لا واقع موضوعي لها ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : قد تقدم منّا في أوّل بحث النواهي بصورة موسّعة أنّ حقيقة النهي وواقعه الموضوعي هو اعتبار الشارع محرومية المكلف عن الفعل وبُعده عنه ، وإبرازه في الخارج بمبرزٍ من قول أو فعل ، كما أنّ حقيقة الأمر وواقعه الموضوعي هو اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف وإبرازه في الخارج بمبرز مّا من قول أو فعل أو نحو ذلك ، وهذا هو واقع الأمر والنهي. وأمّا الوجوب والحرمة والبعث والزجر وما شاكل ذلك فليس شيء منها مدلولاً للأمر والنهي ، بل الجميع منتزع من إبراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج ولا واقع موضوعي لها ما عدا ذلك ، فانّ الأمر والنهي لا يدلاّن إلاّعلى إبراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج دون غيره.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٢٧.