ومن ناحية ثالثة : أنّ لهذا الأمر الاعتباري متعلق وموضوع ، ومتعلقه هو فعل المكلف كالصلاة والصوم والزكاة والحج وما شاكل ذلك ، وموضوعه العقل والبلوغ ودخول الوقت والاستطاعة والدم والخمر والخنزير وغير ذلك من الجواهر والأعراض.
أمّا الأوّل : وهو المتعلق فلا ينبغي الشك في عدم دخله في الحكم الشرعي أصلاً ولا يؤثر فيه أبداً ، لا في مرحلة التشريع والاعتبار ولا في مرحلة الفعلية والامتثال.
أمّا عدم دخله في مرحلة التشريع فواضح ، حيث إنّه فعل اختياري للشارع فلا يتوقف على أيّ شيء ما عدا اختياره وإعمال قدرته. نعم ، نظراً إلى أنّ صدور اللغو من الشارع الحكيم مستحيل فبطبيعة الحال يتوقف اعتباره وصدوره منه على وجود داع ومرجح له ، والداعي له إنّما هو المصالح والحِكم الكامنة في نفس الأفعال والمتعلقات بناءً على ما هو المشهور بين العدلية ، أو في نفس الاعتبار والتشريع بناءً على ما ذهب إليه بعض العدلية والأشاعرة. ومن الواضح أنّ دخل تلك المصالح فيه على نحو دخل الداعي في المدعو لا على نحو دخل العلة في المعلول ، وإلاّ لزم خروج الحكم الشرعي عن كونه أمراً اعتبارياً بقانون التناسب والسنخية بينهما من ناحية ، وعن كونه فعلاً اختيارياً للشارع من ناحية اخرى.
وأمّا عدم دخله في مرحلة الفعلية فأيضاً واضح ، وذلك لأنّ فعلية الأحكام إنّما هي بفعلية موضوعاتها وتدور مدارها وجوداً وعدماً ، ولا تتوقف على فعلية متعلقاتها ، كيف فانّ فعليتها توجب سقوطها خارجاً.
وأمّا الثاني : وهو الموضوع فأيضاً لا دخل له في الحكم الشرعي أبداً ،