فيها إلاّ أمرين : الأوّل : الاعتبار القائم بنفس المعتبر بالمباشرة. الثاني : إبرازه في الخارج بمبرزٍ مّا من قول أو فعل أو نحو ذلك. فالمعاملات أسامٍ للمركب من هذين الأمرين ، أي الأمر الاعتباري النفساني ، وإبرازه في الخارج بمبرزٍ مّا ، مثلاً عنوان البيع والاجارة والصلح والنكاح لايصدق على مجرد الأمر الاعتباري النفساني بدون إبرازه في الخارج ، فلو اعتبر شخص في افق نفسه ملكية داره لزيد مثلاً من دون أن يبرزه في الخارج لم يصدق عليه أنّه باع داره أو وهب فرسه مثلاً ، كما أنّه لا يصدق تلك العناوين على مجرد الابراز الخارجي من دون اعتبار نفساني كما إذا كان في مقام تعداد صيغ العقود أو الايقاعات ، أو كان التكلم بها بداعٍ آخر لا بقصد إبراز ما في افق النفس من الأمر الاعتباري.
فالنتيجة في نهاية الشوط هي : أنّ المعاملات بشتى ألوانها مركبة من الأمر الاعتباري النفساني وإبرازه في الخارج بمبرزٍ مّا وأسامٍ لهما ، وكلاهما أمر مباشري ولا يعقل التسبيب بالاضافة إلى ذاك الأمر الاعتباري.
وعلى ضوء هذه النتيجة قد اتضح : أنّه ليس في باب المعاملات سبب ولا مسبب ولا آلة ولا ذيها ليقال إنّ النهي قد يتعلق بالسبب وقد يتعلق بالمسبب ، هذا من جانب. ومن جانب آخر : أنّ المعاملات بعناوينها الخاصة كالبيع والاجارة والنكاح والصلح وما شاكل ذلك قد اخذت مفروضة الوجود في لسان أدلة الامضاء والجعل كقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(١) و ( تِجارَةً عَنْ تَراضٍ )(٢) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « النكاح سنّتي » (٣) و « الصلح
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.
(٢) النساء ٤ : ٢٩.
(٣) المستدرك ١٤ : ١٤٩ / أبواب مقدمات النكاح ب ١ ح ١ ( مع اختلاف يسير ).