النفساني وإبرازه في الخارج بمبرزٍ ما ، فلا تصدق على الاعتبار النفساني فحسب ، ولا على المبرز الخارجي كذلك. وعلى هذا الضوء فما يتعلق به النهي ليس بمعاملة وما هو معاملة ليس بمنهي عنه.
وإن شئت قلت : إنّ تعلق النهي بذلك الأمر الاعتباري النفساني مع قطع النظر عن إبرازه في الخارج غير محتمل في نفسه ، وعلى تقدير تعلقه به فهو لا يدل على صحة المعاملة ولا على فسادها.
وأمّا الرابع : وهو فرض تعلق النهي بالمبرز ـ بالكسر ـ فحسب ، فقد ظهر أنّه لا يستلزم فساد المعاملة أيضاً ، حيث إنّ النهي عنه لا يكون نهياً عنها حتى يدل على فسادها ، ومثال ذلك : ما إذا افترضنا أنّ أحداً تكلم أثناء الصلاة بقوله : بعت داري أو زوجتي طالق أو ما شاكل ذلك ، فانّ التكلم بهذا القول بما هو قول آدمي أثناء الصلاة وإن كان محرّماً بناءً على نظرية المشهور ، بل ادعي الاجماع على ذلك ، إلاّ أنّ هذه الحرمة لا تدل على فساد هذا العقد أو الايقاع ، لوضوح أنّ المحرّم إنّما هو التكلم بهذه الصيغة بما هي كلام آدمي ، لا بما هي بيع أو إجارة أو طلاق أو نحو ذلك ، فاذن لا يكون نهي عن المعاملة ليقال باستلزامه فسادها.
نتيجة ما ذكرناه لحدّ الآن : هي أنّ النهي عن الأمر الأوّل والثاني غير معقول في نفسه ، وأمّا النهي عن الأمر الثالث والرابع وإن كان معقولاً إلاّ أنّه ليس نهياً عن المعاملة بما هي معاملة ليقع البحث عن أنّه هل يدل على فسادها أم لا.
ومن ضوء هذا البيان يظهر : أنّ ما نسب إلى أبي حنيفة والشيباني ـ وهو الذي اختاره المحقق صاحب الكفاية قدسسره أيضاً من أنّ النهي إذا تعلق بالمسبب أو التسبيب يدل على الصحة ـ خاطئ جداً ولا واقع موضوعي له أبداً.