أمّا أوّلاً : فلما عرفت في ضمن البحوث السالفة بشكل موسع من أنّه لا سببية ولا مسببية في باب المعاملات أصلاً كي يفرض تارةً تعلق النهي بالسبب واخرى بالمسبب وثالثاً بالتسبيب.
وأمّا ثانياً : فلما تقدم من أنّهم فسّروا المسبب فيها بالملكية الشرعية ، وقد عرفت أنّه لا معنى للنهي عنها ليقال إنّه يدل على الصحة.
وأمّا ثالثاً : فعلى تقدير تسليم أنّهم أرادوا بالمسبب فيها الاعتبار النفساني ولكن قد عرفت أنّ النهي عنه في إطاره الخاص لا يكون نهياً عن المعاملة ليقال إنّه يدل على صحتها. وعلى الجملة : فصحة المعاملة تابعة لامضاء الشارع إيّاها ولا صلة لها بالنهي عن الأمر الاعتباري النفساني أصلاً.
وأمّا الخامس : وهو فرض تعلق النهي بالمعاملة من العقود أو الايقاعات ولو باعتبار جزئها الداخلي أو الخارجي ، فقد ذكر شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أنّ الحق في المقام هو التفصيل بين تعلق النهي بالسبب على نحو يساوق معنى المصدر وتعلقه بالمسبب على نحو يساوق معنى اسم المصدر ، فالتزم قدسسره أنّه على الأوّل لا يدل على الفساد وعلى الثاني يدل عليه ، بيان ذلك :
أمّا وجه عدم دلالة الأوّل على الفساد ، فلأنّ الانشاء في المعاملة بما أنّه فعل من أفعال المكلف فالنهي عنه إنّما يدل على مبغوضيته فحسب ، ومن الطبيعي أنّ مبغوضيته لا تستلزم فساد المعاملة وعدم ترتب أثر شرعي عليها ، ضرورة أنّه لا منافاة بين حرمة إنشاء المعاملة تكليفاً وصحتها وضعاً.
وأمّا وجه دلالة الثاني على الفساد ، فلما ذكره قدسسره من أنّ صحة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٢٧.