المعاملة ترتكز على ركائز ثلاث :
الاولى : أن يكون كل من المتعاملين مالكاً للعين أو ما بحكمه كالوكيل أو الولي أو ما شاكل ذلك.
الثانية : أن لا يكون ممنوعاً عن التصرف بأحد أسباب المنع كالسفه أو الفلس أو الحجر لتكون له سلطنة فعلية على التصرف فيها.
الثالثة : أن يكون إيجاد المعاملة بسبب خاص وآلة خاصة ، وعلى ذلك فاذا فرض تعلق النهي بالمسبب وهو الملكية المنشأة بالصيغة أو بغيرها كما هو الحال في النهي عن بيع المصحف والعبد المسلم من الكافر ، فلا محالة يكون النهي عنه معجّزاً مولوياً للمكلف عن الفعل ورافعاً لسلطنته عليه ، وبذلك تختل الركيزة الثانية المعتبرة في صحة المعاملة ـ وهي سلطنة المكلف عليها في حكم الشارع وعدم كونه ممنوعاً عن التصرف فيها ـ ويترتب على هذا فساد المعاملة لا محالة.
وعلى ضوء ذلك يظهر : وجه تسالم الفقهاء على فساد الاجارة على الأعمال الواجبة على المكلف مجاناً ، فانّ العمل بما أنّه مملوك لله تعالى وخارج عن سلطان المكلف فلا يمكنه تمليكه من غيره باجارة أو نحوها ، وكذا وجه تسالمهم على بطلان بيع منذور الصدقة ، فانّ نذره أوجب حجره عن التصرف بكل ما ينافي الوفاء بنذره فلا تنفذ تصرفاته المنافية له ، وكذا وجه تسالمهم على فساد معاملة شيء إذا اشترط في ضمنها عدم معاملته من شخص آخر كما إذا فرض أنّه باع داره من زيد مثلاً واشترط عليه عدم بيعها من عمرو ، فانّ وجوب الوفاء بهذا الشرط يجعل المشتري محجوراً من البيع ، فلو خالف وباع الدار من عمرو لم يكن نافذاً ، وغير ذلك من الموارد.