وأمّا النوع الثاني : وهو ما لا يتوقف الجزاء فيه على الشرط عقلاً وتكويناً فقد ذكر قدسسره أنّه يدل على المفهوم وأفاد في وجه ذلك : أنّ الحكم الثابت في الجزاء لايخلو من أن يكون مطلقاً بالاضافة إلى وجود الشرط المذكور في القضية الشرطية أو يكون مقيّداً به ولا ثالث لهما ، وبما أنّه رتّب في ظاهر القضية الشرطية على وجود الشرط فبطبيعة الحال يمتنع الاطلاق ويكون مقيداً بوجود الشرط لا محالة ، وعلى هذا فان كان المتكلم في مقام البيان وقد أتى بقيد واحد ولم يقيده بشيء آخر ـ سواء أكان التقييد بذكر عِدل له في الكلام أم كان بمثل العطف بالواو لتكون نتيجته تركب قيد الحكم من أمرين كما في مثل قولنا : إن جاءك زيد وأكرمك فأكرمه ـ استكشف من ذلك انحصار القيد بخصوص ما ذكر في القضية الشرطية.
وعلى الجملة : فالقضية الشرطية وإن كانت بحسب الوضع لا تدل على تقييد الجزاء بوجود الشرط المذكور فيها فحسب ، وذلك لما عرفت من صحة استعمالها في موارد القضية المسوقة لبيان الحكم عند تحقق موضوعه ، إلاّ أنّ ظاهرها فيما إذا كان التعليق على ما لا يتوقف عليه متعلق الحكم في الجزاء عقلاً هو ذلك ، فاذا كان المتكلم في مقام البيان فكما أنّ إطلاق الشرط وعدم تقييده بشيء بمثل العطف بالواو مثلاً يدل على عدم كون الشرط مركباً من المذكور في القضية وغيره ، فكذلك إطلاق الشرط وعدم تقييده بشيء بمثل العطف بأو يدل على انحصار الشرط بما هو مذكور في القضية وليس له شرط آخر وإلاّ لكان عليه ذكره. وهذا نظير استفادة الوجوب التعييني من إطلاق الصيغة ، فكما أنّ قضية إطلاقها عدم سقوط الواجب باتيان ما يحتمل كونه عدلاً له فيثبت بذلك كون الوجوب تعيينياً ، فكذلك قضية إطلاق الشرط في المقام فانّها انحصار قيد الحكم به وأ نّه لا بدل له في سببية الحكم وترتبه عليه.