ومن ضوء هذا البيان يظهر : أنّ ما أورده المحقق صاحب الكفاية قدسسره على هذا التقريب خاطئ جداً وحاصل ما أورده : هو أنّ قياس المقام بالوجوب التعييني قياس مع الفارق ، وذلك لأنّ الوجوب التعييني سنخ خاص من الوجوب مغاير للوجوب التخييري فهما متباينان سنخاً ، وعلى هذا فلا بدّ للمولى إذا كان في مقام البيان من التنبيه على أحدهما بخصوصه والاشارة إليه خاصة ، وبما أنّ بيان الوجوب التخييري يحتاج إلى ذكر خصوصية في الكلام ، أعني بها العدل كما في مثل قولنا : أعتق رقبةً مؤمنةً ، أو صم شهرين متتابعين ، أو أطعم ستين مسكيناً ، فاذا لم يذكر كان مقتضى الاطلاق كون الوجوب تعيينياً وأ نّه غير متعلق إلاّبما هو مذكور في الكلام ، وهذا بخلاف المقام فانّ ترتب المعلول على علته المنحصرة ليس مغايراً في السنخ لترتبه على غير المنحصرة ، بل هو في كليهما على نحو واحد. فاذن لا مجال للتمسك بالاطلاق لاثبات انحصار العلة بما هو مذكور في القضية.
وجه الظهور : هو أنّ الاطلاق المتمسك به في المقام ليس هو إطلاق الجزاء وإثبات أنّ ترتبه على الشرط إنّما هو على نحو ترتب المعلول على علته المنحصرة ليرد عليه ما ذكر ، بل هو إطلاق الشرط بعدم ذكر عدل له في القضية ، وذلك لما عرفت من أنّ ترتب الجزاء على الشرط وإن لم يكن مدلولاً للقضية الشرطية وضعاً إلاّ أنّه يستفاد منها بحسب المتفاهم العرفي سياقاً ، وذلك يستلزم تقييد الجزاء بوجود الشرط في غير القضايا الشرطية المسوقة لبيان تحقق الحكم بتحقق موضوعه كما تقدم ، وبما أنّ التقييد بشيء واحد يغاير التقييد بأحد الشيئين على البدل سنخاً ، يلزم على المولى بيان الخصوصية إذا كان في مقام البيان ، وحيث إنّه لم يبيّن العدل مع أنّه يحتاج إلى البيان ، تعيّن كون الشرط واحداً وأنّ القيد منحصر به.