ولنأخذ بالمناقشة على ما أفاده قدسسره.
أمّا أوّلاً : فلأنّ ما ذكره قدسسره من الملاك لدلالة القضية الشرطية على المفهوم لو تمّ فلا يختص الملاك بها ، بل يعمّ غيرها أيضاً كالقضايا الوصفية ونحوها ، والسبب في ذلك : هو أنّ التمسك بالاطلاق المزبور لا يثبت مفهوم الشرط في مقابل مفهوم القيد ، فلو أثبت المفهوم فهو إنّما يثبته بعنوان مفهوم القيد ببيان أنّ الحكم الثابت لشيء مقيد بقيد كقولنا : أكرم العالم العادل مثلاً ، فالقيد لا يخلو من أن يكون مطلقاً في الكلام ولم يذكر المتكلم عدلاً له كالمثال المزبور ، أو ذكر عدلاً له كقولنا : أكرم العالم العادل أو الهاشمي ، فالقضية على الأوّل تدل على أنّ الحكم الثابت للعالم مقيد بقيد واحد وهو العدالة ، وعلى الثاني تدل على أنّه مقيد بأحد القيدين : وهما العدالة والهاشمية ، وبما أنّ التقييد بأحدهما على البدل يحتاج إلى بيان زائد في الكلام كالعطف بأو أو نحوه ، كان مقتضى إطلاق القيد وعدم ذكر عدل له انحصاره به ، أي بما هو مذكور في القضية ، وإلاّ لكان على المولى البيان ، ومن الطبيعي أنّه لا فرق في ذلك بين كون القضية شرطية أو وصفية أو ما شاكلها ، والسر في هذا هو أنّ ملاك دلالة القضية على المفهوم إنّما هو إطلاق القيد المذكور فيها ، ومن الواضح جداً أنّه لا يفرق في ذلك بين كونه معنوناً بعنوان الشرط أو الوصف أو نحو ذلك.
وبكلمة اخرى : أنّ الحكم المذكور في القضية قد يكون مقيداً بقيود عديدة مذكورة فيها ، وقد يكون مقيداً بأحد قيدين أو قيود على سبيل البدل ، وقد يكون مقيداً بقيد واحد ، فما ذكره قدسسره من البيان لاثبات المفهوم للقضية الشرطية إنّما هو لازم تقييده بقيد واحد ، حيث إنّ مقتضى إطلاقه هو انحصاره به ، وهذا الملاك لا يختص بها ، بل يعم غيرها من القضايا أيضاً.
فالنتيجة : أنّ ما أفاده قدسسره لو تمّ فهو لا يثبت مفهوم الشرط في