لهما ، باعتبار انحلال هذا النهي وسريانه إلى جميع أفراد الطبيعة المنهي عنها ، فمع ذلك لا يلزم اجتماع الضدّين وهما الوجوب والحرمة في شيء واحد ، لأنّ ما هو محرّم وهو الفرد ليس بواجب ، وما هو واجب وهو الطبيعة المأمور بها ليس بمنهي عنه ، وعلى فرض أنّ الفرد واجب بوجوب غيري ، فمع ذلك لا يلزم اجتماع الضدّين ، لعدم التنافي بين الوجوب الغيري والنهي النفسي كما مرّ ، فإذن لا مانع من القول بالجواز في المسألة.
وغير خفي ما فيه : وذلك لأنّ ما أفاده قدسسره يرتكز على ركيزتين ، وكلتاهما خاطئة.
أمّا الركيزة الاولى : وهي كون الحصة والفرد مقدمةً للطبيعة المأمور بها ، فواضحة الفساد ، ضرورة أنّ الفرد ليس مقدمةً للطبيعي ، بل هو عينه وجوداً وخارجاً ولا تعقل المقدمية بينهما ، لوضوح أنّها إنّما تعقل بين شيئين متغايرين في الوجود ، وعليه فالحصة الموجودة في مورد الاجتماع بما أنّها تكون محرّمة بنفسها ومنهياً عنها ، فلا يعقل أن تكون مصداقاً للواجب ، وهذا معنى القول بالامتناع ، بداهة أنّه كما يمتنع تعلق الأمر والنهي بشيء واحد ، كذلك يمتنع أن يكون المنهي عنه مصداقاً للمأمور به.
وأمّا الركيزة الثانية : وهي كون الوجوب الغيري لا ينافي النهي النفسي ، فهي أيضاً واضحة الفساد ، ضرورة أنّ الوجوب الغيري على القول به لا يجتمع مع النهي النفسي ، فالمقدّمة إذا كانت محرّمة لا يعقل أن تكون واجبة ، فلا محالة يختص الوجوب بغيرها من المقدّمات ، كما تقدّم في بحث مقدّمة الواجب (١)
__________________
(١) لاحظ المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٧٣.