زاوية الامتياز بين العموم المستند إلى الوضع ، والعموم المستند إلى قرينة الحكمة ، حيث إنّ الثاني يتوقف على عدم بيان دخل قيد ما في غرض المولى مع كونه في مقام البيان كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى في ضمن البحوث الآتية (١) والأوّل بيان على عدم دخله فيه ، فهما أشبه شيء بالاصول والأمارات.
وأمّا ما أفاده ( قدسسره ) من أنّ إمكان تقييد مدخول الأداة كلفظة « كل » في مثل قولنا : أكرم كل عالم عادل ، وعدم منافاة هذا التقييد لدلالتها على العموم دليل على أنّ دلالتها على عموم مدخولها وشموله تتوقف على إجراء مقدمات الحكمة فيه فهو خاطئ جداً ، وذلك لأنّ دلالتها على العموم ـ أي عموم مدخولها ـ وشموله بما له من المعنى لا ينافيه تقييده بقيدٍ مّا ، ضرورة أنّها لا تدل على أنّ مدخولها جنس أو نوع أو فصل أو صنف ، فانّ مفادها بالوضع هو الدلالة على عموم المدخول كيف ما كان ، غاية الأمر إن كان جنساً دلت على العموم في إطاره ، وإن كان نوعاً دلت على العموم في إطار النوع ، وإن كان صنفاً دلت على العموم في إطار الصنف وهكذا.
وإن شئت قلت : إنّه لا فرق بين القول بوضعها للعموم أي عموم المدخول بما له من المعنى ، والقول بوضعها لعموم ما يراد من المدخول في هذه النقطة ، وهي عدم منافاة التقييد للدلالة على العموم ، نعم يمتاز القول الثاني عن القول الأوّل في نقطة اخرى وهي أنّ دلالتها على العموم على القول الثاني لاثبات إطلاق المدخول وإرادته بقرينة الحكمة كي تدل على عمومه وشموله ، وعلى القول الأوّل فهي بنفسها تدل على إطلاقه وسعته.
ونتيجة ما ذكرناه إلى هنا : هي أنّ أداة العموم على القول بكونها موضوعةً
__________________
(١) في ص ٥٣٠.