للدلالة على عموم ما يراد من المدخول لا بدّ أوّلاً من إثبات سعته وإطلاقه بقرينة الحكمة حتى تدل على عمومه وشموله ، وعلى القول بكونها موضوعة للدلالة [ على ] عموم المدخول بما له من المعنى فهي بنفسها تدل على سعته وإطلاقه من دون حاجة إلى قرينة الحكمة أو نحوها ، لما عرفت من أنّ دلالتها على العموم بعينها هي دلالتها على إطلاق المدخول وعدم أخذ خصوصية فيه ، ومن الطبيعي أنّه لا يفرق فيه بين أن يكون مدخولها في نفسه من الأجناس أو الأنواع أو الأصناف ، فانّ السعة إنّما تلاحظ بالاضافة إلى دائرة المدخول ، فلا فرق بين قولنا : أكرم كل رجل وقولنا : أكرم كل رجل عالم ، فانّ تقييده بهذا القيد لا ينافي دلالته على العموم ، فانّ معنى دلالته عليه هو أنّها لا تتوقف على إجراء مقدمات الحكمة ، سواء أكانت دائرة المدخول واسعة أو ضيّقة في مقابل القول بأنّ دلالته عليه تتوقف على إجراء المقدمات فيه ولو كانت دائرته ضيّقةً ، وبما أنّ المدخول هو المقيد فهو لا محالة يدل على عمومه ، ولولا ما ذكرناه من الدلالة على العموم لما أمكن التصريح به في موردٍ مّا أبداً مع أنّه واضح البطلان.
وأمّا النقطة الثالثة : فسيأتي الكلام فيها في مبحث المطلق والمقيد إن شاء الله تعالى (١).
نلخص نتائج هذا البحث في عدة نقاط :
١ ـ الظاهر أنّ العام في كلمات الاصوليين مستعمل في معناه اللغوي والعرفي وهو الشمول.
٢ ـ أنّ الفرق بين العام والمطلق هو أنّ دلالة الأوّل على العموم بالوضع
__________________
(١) في ص ٥٢٦.