وتركه متناقضان ، فلا يمكن جعل الحكم لهما معاً لتقع المزاحمة بينهما في مقام الامتثال ، بل هما يدخلان في باب المعارضة فيرجع إلى قواعده وأحكامه. ولكن قد ذكرنا أنّ ما أفاده قدسسره من الكبرى ـ وهي استحالة وقوع المزاحمة بين النقيضين والضدين اللذين لا ثالث لهما ـ وإن كان في غاية المتانة والاستقامة ، إلاّ أنّ تطبيق تلك الكبرى على المقام غير صحيح ، وذلك لوجود أمر ثالث في البين وهو الامساك بدون قصد القربة فانّه لا موافقة فيه لبني اميّة ولا مخالفة لهم ، فإذن لا مانع من جعل الحكمين لهما اصلاً ، كما تقدّم ذلك بشكل واضح.
الرابعة : أنّ النهي في القسم الأوّل لا يخلو من أن يكون إرشاداً إلى محبوبية الترك من جهة انطباق عنوان ذي مصلحة عليه أو ملازمته له ، أو يكون بمعنى الأمر ، أعني به ما يكون نهياً صورة وشكلاً وأمراً واقعاً وحقيقةً.
الخامسة : أنّ النهي في القسم الثاني نهي مولوي ، ويترتب على هذا أنّ الكراهة في المقام كراهة مصطلحة وليست بمعنى أقلّية الثواب ، ومع ذلك لا تكون منافية لاطلاق العبادة فضلاً عن غيرها ، غاية الأمر أنّ تطبيق الطبيعة المأمور بها على هذه الحصة المنهي عنها مرجوح بالاضافة إلى تطبيقها على غيرها من الحصص والأفراد ، كما تقدّم.
السادسة : أنّه لا فرق في القسم الثالث من أقسام العبادات المكروهة بين القول بالامتناع والقول بالجواز ، فعلى كلا القولين تكون العبادة صحيحة في مورد الاجتماع ، أمّا على القول بالجواز فهي على القاعدة ، وأمّا على القول بالامتناع فلأجل ما ذكرناه في القسم الثاني من هذه الأقسام في وجه صحة العبادة باعتبار أنّ هذا القسم على هذا القول داخل فيه ، ويكون من صغرياته كما تقدّم.