وأمّا عدم استعمال الأداة إلاّفيما وضعت له فلأ نّها لا تستعمل أبداً إلاّفي معناها الموضوع له ، أعني به تعميم الحكم لجميع أفراد ما اريد من مدخولها ، غاية الأمر أنّ المراد من مدخولها ربّما يكون أمراً وسيعاً واخرى يكون أمراً ضيّقاً ، وهذا لا يوجب فرقاً في ناحية الأداة أصلاً.
فإن قلت : إنّ ما ذكرته من عدم استلزام تخصيص العام كونه مجازاً لا في ناحية المدخول ولا في ناحية الأداة ، إنّما يتم في المخصصات الأنواعية ، فانّها لا توجب إلاّتقييد مدخولها فلا يلزم مجاز في مواردها أصلاً ، وأمّا التخصيصات الأفرادية فهي لا محالة تنافي استعمال الأداة في العموم فتوجب المجازية في ناحيتها.
قلت : ليس الأمر كذلك ، فانّ التخصيص الأفرادي أيضاً لا يوجب إلاّ تقييد مدخول الأداة ، غاية الأمر أنّ قيد الطبيعة المهملة ربّما يكون عنواناً كلياً كتقييد العالم بكونه عادلاً أو بكونه غير فاسق ، وقد يكون عنواناً جزئياً كتقييده بكونه غير زيد مثلاً ، وعلى كل حال فقد استعملت الأداة في معناها الموضوع له ، ولا فرق فيما ذكرناه من عدم استلزام التخصيص للتجوز بين القضايا الخارجية والقضايا الحقيقية ، لأنّ الأداة في كل منهما لا تستعمل إلاّفي تعميم الحكم لجميع أفراد ما اريد من مدخولها ، وأمّا المدخول فهو أيضاً لا يستعمل إلاّفي نفس الطبيعة اللا بشرط القابلة لكل تقييد ، وكون القضية خارجية أو حقيقية إنّما يستفاد من سياق الكلام ، ولا ربط له بمداليل الألفاظ ، نظير استفادة الاخبار والانشاء من هيئة الفعل الماضي على ما تقدم.
وبالجملة : أنّ أداة العموم لا تستعمل إلاّفيما وضعت له سواء ورد تخصيص على العام أم لم يرد ، وسواء أكانت القضية حقيقية أم كانت خارجية ، فلا فرق