أنّها لا تتكفل لبيان حال الأفراد في الخارج ، وإنّما هي متكفلة لبيان الحكم على الموضوع المفروض الوجود فيه ، فاذا أحرزنا صغرى هذه الكبرى كما هو المفروض فلا حالة منتظرة للعمل به ، وأمّا الدليل الثاني وهو الخاص ففي كل مورد أحرزنا صغراه ـ وهو العالم الفاسق ـ نحكم بحرمة إكرامه ونقيّد عموم العام بغيره ، وفيما لم نحرزها لا نحكم بحرمة إكرامه ، لما عرفت من أنّ العمل بالدليل متوقف على إحراز الصغرى والكبرى معاً وبدونه فلا موضوع للعمل به ، وعليه فلا يمكن التمسك بالخاص فيما لم نحرز أنّ زيداً العالم مثلاً فاسق أو ليس بفاسق ، ولكن لا مانع من العمل بالعام فيه لاحراز الصغرى والكبرى معاً بالاضافة إليه.
وعلى الجملة : فلا يمكن التمسك بأيّ دليل ما لم يحرز صغراه ، ولا يكون حجةً بدون ذلك ، ومن هنا قلنا في مسألة البراءة إنّا إذا شككنا في مائع أنّه خمر أو ليس بخمر لم يمكن التمسك بعموم ما دلّ على حرمة شرب الخمر ، ضرورة أنّه لا يكون متكفلاً لبيان صغراه ، وإنّما هو متكفل لثبوت الحكم لمائع على تقدير أنّه خمر ، كما هو الحال في جميع القضايا الحقيقية التي لا تتعرض لبيان صغرياتها أصلاً ، لا وجوداً ولا عدماً ، وإنّما هي ناظرة إلى ثبوت الأحكام لموضوعاتها المقدّر وجودها في الخارج ، وأمّا أنّها موجودة أو غير موجودة فلا نظر لها في ذلك أبداً ، فالتمسك بالعام في الشبهة المصداقية كالتمسك به في الشبهة المفهومية فيما إذا دار أمر المخصص بين الأقل والأكثر ، نظراً إلى أنّ المخصص هناك لا يكون حجة إلاّفي الأقل دون الزائد عليه ، ومن المعلوم أنّه لا مانع من الرجوع إلى عموم العام في الزائد ، لعدم قصور فيه عن الشمول له.
وكذا الحال في المقام حيث إنّ المخصص كقولنا : لا تكرم فسّاقهم لا يكون حجةً إلاّفيما إذا احرز صغراه فيه ، فاذا علم بفسق عالم فالصغرى له محرزة فلا