توهم أنّ المراد من الحجة في كل من طرفي العام والخاص هو الحجة بالتفسير الأوّل دون التفسير الثاني ، وعلى هذا فحجية كل منهما تتوقف على إحراز الصغرى والكبرى معاً ، وبما أنّ الكبرى في كليهما محرزة فبطبيعة الحال تتوقف حجيتهما على إحراز الصغرى فحسب ، فان احرز أنّه عالم فاسق فهو من صغريات الخاص حيث قد قيد موضوع العام بغيره ، وإن شك في فسقه فلا يحرز أنّه من صغرياته وبدونه لا يكون الخاص حجةً فيه ، وأمّا كونه من صغريات العام فالظاهر أنّه من صغرياته لفرض أنّ العالم بجميع أقسامه وأصنافه ـ أي سواء أكان معلوم العدل أو معلوم الفسق أو مشكوكه ـ من صغريات العام ، ولكن قد خرج عنه خصوص معلوم الفسق ، وأمّا القسمان الآخران فهما باقيان تحته.
والحاصل : أنّ موضوع العام قد قيّد بغير معلوم الفسق بدليل المخصص نظراً إلى أنّه حجة فيه دون غيره ، وأمّا مشكوك الفسق فهو باقٍ تحت العام فلا مانع من التمسك به بالاضافة إليه.
وبعد ذلك نقول : إنّ المراد من الحجة في المقام هو الحجة بالتفسير الثاني يعني الطريقية والكاشفية ، والوجه فيه واضح وهو أنّ معنى حجية العام في عمومه وحجية الخاص في مدلوله هو الكاشفية والطريقية إلى الواقع ، حيث إنّ حجية كل منهما من باب حجية الظهور ، وقد حقق في محلّه أنّ حجيته من باب الكاشفية والطريقية إلى الواقع. ثمّ إنّ الحجة بهذا المعنى تلازم الحجة بالمعنى الأوّل أيضاً ، يعني أنّ المولى كما يحتج على عبده بجعل ظهور العام مثلاً حجةً عليه وكاشفاً عن مراده واقعاً وجداً ، كذلك يحتج بجعل ظهور الخاص حجةً عليه وكاشفاً عن مراده في الواقع.
وعليه فاذا ورد عام كقولنا : أكرم كل عالم فهو كاشف عن أنّ مراد المولى