جواز التمسك بالعموم إنّما هو بالمنكشف ، أعني به تقيد موضوع الحكم لباً ، لا بخصوصية الكاشف من كونه لفظياً أو عقلياً (١).
وبعد ذلك نقول : أمّا الخط الأوّل فهو في غاية الصحة والمتانة.
وأمّا الخط الثاني : فيرد عليه ما أورده شيخنا الاستاذ قدسسره لكن فيما إذا كان تطبيق الكبرى على الصغرى وإحرازها موكولاً بنظر المكلف ، سواء أكانت القضية حقيقيةً أم كانت خارجيةً ، لا مطلقاً حتى فيما إذا لم يكن موكولاً بنظره ، فلنا دعويان : الاولى عدم تمامية هذا الخط فيما إذا كان أمر التطبيق منوطاً بنظر المكلف. الثانية تماميته فيما إذا لم يكن كذلك.
أمّا الدعوى الاولى (٢) : فإن كانت القضية المتكفلة لاثبات حكم العام من قبيل القضايا الحقيقية التي يكون تطبيق موضوع الحكم فيها على أفراده في الواقع موكولاً بنظر المكلف وإحرازه ، فبطبيعة الحال يكون إحراز عدم وجود ملاك الحكم في فردٍ مّا كاشفاً عن أنّ فيه خصوصية قد قيد موضوع العام بعدمها ، وتلك الخصوصية قد تكون واضحةً بحسب المفهوم عرفاً والشك إنّما هو في وجودها في فردٍ مّا من أفراد العام ، وقد تكون مجملةً بحسب المفهوم كذلك ، يعني يدور أمرها بين أمرين أو الأكثر ، وهذا تارةً من دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، واخرى من المتباينين ، أو العموم من وجه ، فالأقسام ثلاثة :
أمّا القسم الأوّل : فلا يجوز فيه التمسك بالعام لاثبات الحكم له ، لفرض أنّ الشك فيه في وجود موضوعه وتحققه في الخارج ومعه لا محالة يكون من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، ومن الطبيعي أنّه لا فرق فيه بين أن يكون
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٤٢.
(٢) [ تأتي الدعوى الثانية في ص ٣٥٤ ].