كان هناك أصل موضوعي يحرز به أنّ المشكوك فرد للعام أو ليس بفرد له.
فعلى الأوّل يثبت التخصيص ، وعلى الثاني التخصص ، ولكنّه خارج عن مفروض الكلام.
نعم ، قد يكون مقتضى دليل آخر التخصيص كما في مسألة ماء الاستنجاء فانّ نتيجة التمسك بعموم ما دلّ على انفعال الماء القليل بملاقاة النجس هي نجاسة ماء الاستنجاء ، وعليه فبطبيعة الحال يكون الحكم بطهارة الملاقي له تخصيصاً في دليل انفعال الملاقي لماء النجس ، وقد سبق تفصيل ذلك بشكل موسع (١). وأمّا إذا كانت كبرى مسألة دوران الأمر بينهما بالاضافة إلى فردين يكون أحدهما فرداً للعام والآخر ليس بفرد له فقد عرفت أنّه لا مانع من الرجوع إلى أصالة العموم لاثبات التخصص.
إلى هنا قد انتهينا إلى عدة نقاط :
الاولى : أنّ الكلام في جواز التمسك بالعام بعد ورود التخصيص عليه يقع في موارد ثلاثة : ١ ـ في الشبهات الحكمية. ٢ ـ في الشبهات المفهومية. ٣ ـ في الشبهات المصداقية. أمّا في الاولى فلا خلاف في جواز التمسك بالعام فيها إلاّما نسب إلى بعض العامة من عدم جوازه مطلقاً أو التفصيل بين المخصص المنفصل والمخصص المتصل فلا يجوز في الأوّل دون الثاني.
الثانية : الصحيح هو جواز التمسك بالعام مطلقاً ، يعني بلا فرق بين كون المخصص منفصلاً أو متصلاً. ودعوى أنّ المخصص إذا كان منفصلاً يوجب التجوز في العام المستلزم لاجماله فلا يمكن التمسك به خاطئة جداً ، وذلك لعدة
__________________
(١) في ص ٣٩٤.