ومن هنا قد ورد من الأئمّة الأطهار عليهمالسلام مخصصات بالاضافة إلى عمومات الكتاب والسنّة أو ورد منهم عليهمالسلام عمومات ولكن اخّر بيانها إلى أمد آخر لأجل مصلحة تقتضي ذلك أو مفسدة في البيان كخلاف تقية أو نحوها ، ونتيجة ذلك : أنّ مثل هذه العمومات التي قد علمنا من الخارج أنّها في معرض التخصيص وأنّ دأب المتكلم بها إنّما هو على بيان مراداته الواقعية منها بالقرائن المنفصلة المتأخرة عنها زماناً أو المتقدمة عليها كذلك ، لا يكون حجةً قبل الفحص ، لعدم إحراز بناء العقلاء على العمل بها قبله ، وبدونه فلا يمكن التمسك بها ، حيث إنّ عمدة الدليل على حجيتها إنّما هو بناء العقلاء على التمسك بها ، وبما أنّنا لم نحرز البناء منهم على التمسك بتلك الطائفة من العمومات قبل الفحص عن وجود القرائن على خلافها ، فلا يمكن الحكم بحجيتها بدونه ، فاذن بطبيعة الحال كان الفحص عن وجود تلك القرائن بالاضافة إلى هذه العمومات متمماً للموضوع والمقتضي للعمل بها وبدونه لا يتم ، وعليه فحالها من هذه الناحية حال أصالة البراءة فكما أنّ الفحص في موارد التمسك بها يكون متمماً للموضوع والمقتضي له ، فكذلك الفحص في موارد التمسك بهذه العمومات.
وأمّا إذا كانت العمومات ليست من تلك العمومات التي تكون في معرض التخصيص كما هو الحال في أكثر العمومات الواردة من الموالي العرفية بالاضافة إلى عبيدهم وخدمهم ، أو من الموكّلين بالاضافة إلى وكلائهم ، أو من الامراء بالاضافة إلى المأمورين ، فانّ هذه العمومات ليست في معرض التخصيص ، ولأجل ذلك لا مانع من العمل بها قبل الفحص ، حيث إنّها كاشفة عن أنّ المراد الاستعمالي مطابق للمراد الجدي وظاهرة في ذلك ، وهذا الظهور حجة ما لم تقم قرينة على الخلاف ولا يجب عليهم الفحص.