كاشفاً عن مراده الجدي في الواقع.
فالنتيجة : أنّ عدم جواز التمسك بالعمومات أو المطلقات الواردة في الكتاب أو السنّة قبل الفحص إنّما هو لأجل هذه النكتة.
ولنأخذ بالنقد على هذا الوجه بأمرين :
الأوّل : ما ذكرناه سابقاً بشكل موسّع (١) من أنّ أداة العمومات بنفسها متكفلة لاثبات إطلاق مدخولها ، يعني أنّها تدل بمقتضى وضعها على تسرية الحكم إلى جميع ما يمكن أن ينطبق عليه مدخولها من دون حاجة إلى إجراء مقدمات الحكمة فيه.
الثاني : سوف ما نذكره إن شاء الله تعالى في مبحث المطلق والمقيد أنّ مقدمات الحكمة إنّما تجري لاثبات ظهور المطلق في الاطلاق ، فاذا صدر كلام مطلق عن متكلم في مجلس ولم يصدر منه قرينة على الخلاف جرت مقدمات الحكمة فيه ، وبها يثبت ظهوره في الاطلاق والعلم بأنّ سيرة المتكلم قد جرت على إبراز مراداته ومقاصده بالقرائن المنفصلة ، وليس بناؤه على إبرازها في مجلس واحد لا يمنع عن جريان مقدمات الحكمة في كلامه إذا لم ينصب قرينةً متصلةً على الخلاف ، والسبب فيه واضح هو أنّ القرينة المنفصلة لا تمنع عن انعقاد ظهور المطلق في الاطلاق ، وإنّما هي تمنع عن حجية ظهوره فيه ، والمفروض أنّ جريان مقدمات الحكمة إنّما هو لاثبات ظهوره فلا يكون العلم المزبور مانعاً عنه.
وعلى الجملة : فبناءً على تسليم نظريته قدسسره من أنّ دلالة أدوات العموم على إرادته من مدخولها تتوقف على جريان مقدمات الحكمة فيه ، فما
__________________
(١) في ص ٣٠٧.