تقدم ذلك في ضمن البحوث السالفة موسّعاً ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : حيث إنّنا قد علمنا بعد مراجعة الأدلة الشرعية أنّ طريقة الشارع قد استقرت على إبراز مراداته وبيان مقاصده من ألفاظه الصادرة منه في هذا المقام بالقرائن المنفصلة حتى قيل إنّه لم يوجد عام في الكتاب والسنّة إلاّوقد ورد عليه تخصيص منفصل عنه ، لا يكون للعمومات الواردة فيهما ظهور تصديقي كاشف عن المراد قبل الفحص عن مخصصاتها. ومن الطبيعي أنّ ما لم يكن لها هذا الظهور ، يعني الظهور التصديقي الكاشف عن المراد قبل الفحص عنها ، لا محالة لا تكون حجةً يصح الاعتماد عليها.
وعلى ضوء هذا العلم ، يعني العلم بأنّ ديدن الشارع قد استقر على ذلك ، فقد انهدم أساس جريان مقدمات الحكمة في مدخول الأداة أي أداة العموم ، فانّها إنّما تجري في مدخول العمومات التي يكون المتكلم بها في مقام بيان مراداته منها ، ولم تستقر سيرته على بيان مقاصده بالقرائن المنفصلة كما هو الحال في عمومات الكتاب والسنّة حيث إنّها واردة في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومخصصاتها قد وردت في عصر الأئمّة عليهمالسلام ، وكذا الحال في العمومات الصادرة منهم عليهمالسلام ، فان بناءهم ليس على إبراز مقاصدهم ومراداتهم في مجلس واحد لمصلحة دعت إلى ذلك أو لمفسدة في البيان.
ومن الطبيعي أنّ هذا العلم أوجب هدم أساس المقدمات فلا يعقل جريانها في مدخول مثل هذه العمومات ، لفرض أنّ من مقدمات الحكمة عدم نصب المتكلم القرينة على الخلاف ، فاذا علمنا من الخارج أنّ ديدن هذا المتكلم قد جرى على نصب القرينة المنفصلة على الخلاف فكيف تجري المقدمات في كلامه ، فاذا لم تجر المقدمات لم ينعقد له ظهور تصديقي في العموم حتى يكون