للمعدومين بل للغائبين ، ضرورة أنّه يقتضي ثبوت موضوعه في الخارج ـ وهو العاقل البالغ القادر ـ والتفاته إلى التكليف حتى يكون فعلياً في حقّه وإلاّ استحال فعليته.
وأمّا جعل التكليف بمعنى الانشاء وإبراز الأمر الاعتباري على نحو القضية الحقيقية فثبوته للمعدومين فضلاً عن الغائبين بمكان من الامكان ، لوضوح أنّه لا بأس بجعل التكليف كذلك للموجودين والمعدومين معاً ، حيث إنّ الموضوع فيها قد اخذ مفروض الوجود ولا مانع من فرض وجود الموضوع وجعل الحكم له ، سواء أكان موجوداً حقيقةً أم لم يكن ، فالوجود الفرضي لا يقتضي الوجود الحقيقي حيث لا مانع من فرض المعدوم موجوداً.
وإن شئت قلت : إنّا قد ذكرنا في محلّه (١) أنّ الاعتبار خفيف المؤونة ، فكما أنّه يتعلق بالأمر الحالي فكذلك يتعلق بالأمر الاستقبالي كما هو الحال في الواجب المشروط بالشرط المتأخر. وعليه فلا مانع من جعل الحكم للموجودين والمعدومين بنحو القضية الحقيقية التي ترجع إلى القضية الشرطية ، حيث إنّ مردّها إلى الشرط المتأخر لا محالة. ونظير ذلك مسألة الوقف على البطون المتعددة المتلاحقة ، حيث إنّ الواقف يعتبر من حين الوقف ملكية ماله لجميع البطون بطناً بعد بطن ، بحيث إنّ كل بطن لاحق يتلقى الملك من الواقف لا من البطن السابق ، ومعنى ذلك هو أنّ الواقف من حين الوقف يعتبر ملكيته له ، فيكون زمان المعتبر متأخراً عن زمان الاعتبار. فالنتيجة أنّ النزاع بهذا المعنى لا يرجع إلى معنىً معقول.
وأمّا الثاني : فإن اريد من إمكان توجيه الخطاب إلى المعدومين والغائبين
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ١٣٥.