وبالجملة : إذا كان معنى النسخ هو ارتفاع الحكم المولوي بانتهاء أمده ، فلا محالة يختص ذلك بالقضايا الحقيقية غير الموقتة ، وبالقضايا الخارجية ، والقضايا الحقيقية الموقتة بعد حضور وقت العمل بها ، وأمّا القضايا الخارجية أو الحقيقية الموقتة قبل حضور وقت العمل بها فيستحيل تعلق النسخ بالحكم المجعول فيها من الحاكم الملتفت ، والوجه في ذلك ظاهر (١).
نلخّص ما أفاده قدسسره في نقطة : وهي أنّ الحكم المجعول إذا كان من قبيل الأحكام المجعولة في القضايا الخارجية أو القضايا الحقيقية الموقتة لم يجز نسخه قبل حضور وقت العمل به ، وإذا كان من قبيل الأحكام المجعولة في القضايا الحقيقية غير الموقتة جاز نسخه قبل ذلك ، وقد تعرّض قدسسره هذا التفصيل بعينه في مبحث أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه فلاحظ.
ويرد عليه : أنّه لا يتم باطلاقه والسبب فيه : ما عرفت من أنّه لا يكفي في الأوامر الحقيقية مجرد فرض وجود موضوعها في الخارج مع علم الآمر بانتفاء شرط فعليتها فيه ، ضرورة أنّ المولى على الرغم من هذا لو جعلها بداعي البعث حقيقةً لكان من اللغو الواضح فكيف يمكن صدوره منه مع التفاته إلى ذلك ، وقد مرّ آنفاً أنّه لا يفرق في ذلك بين القضايا الحقيقية غير الموقتة ، والقضايا الحقيقية الموقتة ، والقضايا الخارجية ، فكما أنّ أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرط امتثاله وعدم تمكن المكلف منه مستحيل في القسمين الأخيرين ، فكذلك مستحيل في القسم الأوّل من دون فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً ، ولا ندري كيف ذهب شيخنا الاستاذ قدسسره إلى هذا التفصيل ، مع أنّه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٩٤ ـ ٣٩٥.