قد صرح في عدة موارد (١) أنّ امتناع فعلية الحكم يستلزم امتناع جعله. هذا كلّه في الأوامر.
وأمّا النواهي فاذا علم المولى أنّه لا يترتب أيّ أثر على جعل النهي خارجاً ولا يبلغ مرتبة الزجر لعلمه بانتفاء شرط فعليته ، فلا محالة يكون جعله لغواً فلا يصدر من المولى الحكيم الملتفت إلى ذلك ، وأمّا إذا علم بأنّ جعل الحكم وتشريعه هو السبب لانتفاء موضوعه كما هو الشأن في جعل القصاص والديات والحدود ، حيث إنّ تشريع هذه الأحكام سبب لمنع المكلف وزجره عن إيجاد موضوعها في الخارج فلا مانع منه ، بل يكون تمام الغرض من جعلها ذلك فكيف يعقل أن يكون مانعاً عنه.
فالنتيجة في نهاية المطاف : هي أنّ جعل الحكم مع العلم بانتفاء موضوعه وشرطه في الخارج لا يمكن من الحكيم الملتفت إليه من دون فرق في ذلك بين الأوامر والنواهي والقضايا الحقيقية والخارجية. نعم ، إذا كان جعل الحكم وتشريعه في الشريعة المقدسة سبباً لانتفاء موضوعه وشرطه فلا مانع منه كما عرفت.
الثالثة : أن يكون الخاص المتأخر وارداً بعد حضور وقت العمل بالعام فهل مثل هذا الخاص يكون مخصصاً له أو ناسخاً؟ فيه وجهان.
فذهب جماعة إلى الثاني بدعوى أنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة قبيح ، وعليه فيتعين كونه ناسخاً لا مخصصاً ، ولكنّهم وقعوا في الاشكال بالاضافة إلى عمومات الكتاب والسنّة حيث إنّ مخصصاتها التي صدرت عن الأئمة الأطهار
__________________
(١) منها ما في أجود التقريرات ٣ : ٥١٨.