أنّ العام المتأخر ناسخ للخاص المتقدم ، وتظهر الثمرة بينهما حيث إنّه على الأوّل يكون الحكم المجعول في الشريعة المقدّسة هو حكم الخاص دون العام ، وعلى الثاني ينتهي حكم الخاص بعد ورود العام ، فيكون الحكم المجعول في الشريعة المقدّسة بعد وروده هو حكم العام.
ذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) أنّ الأظهر أن يكون الخاص مخصصاً وأفاد في وجه ذلك : أنّ كثرة التخصيص في الأحكام الشرعية حتى اشتهر ما من عام إلاّوقد خص وندرة النسخ فيها جداً أوجبتا كون ظهور الخاص في الدوام والاستمرار وإن كان بالاطلاق ومقدمات الحكمة أقوى من ظهور العام في العموم وإن كان بالوضع ، وعليه فلا مناص من تقديمه عليه ، هذا.
وأورد عليه شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) بما ملخّصه : أنّ دليل الحكم يستحيل أن يكون متكفلاً لاستمرار ذلك الحكم ودوامه أيضاً ، ضرورة أنّ استمرار الحكم في مرتبة متأخرة عن نفس الحكم فلا بدّ من فرض وجود الحكم أوّلاً ثمّ الحكم عليه بالاستمرار كما هو الحال في جميع القضايا الحقيقية التي اخذ الموضوع فيها مفروض الوجود ، وبما أنّ موضوع الاستمرار هو نفس الحكم فلا بدّ من فرض وجوده أوّلاً ثمّ الحكم عليه بالاستمرار.
ومن الطبيعي أنّ دليل الواحد لا يعقل أن يكون متكفلاً لاثبات نفس الحكم وإثبات ما يتوقف على كون ذلك الحكم مفروض الوجود في الخارج وهو استمراره.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٣٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٠١.