تقدم ذلك غير مرّة فلا نعيد.
وأمّا ما أفاده في النوع الثاني منها ، فأيضاً الأمر كذلك ، فانّه لا إشكال في سقوط التقييد عندئذ ـ أي عند سقوط النهي واقعاً من ناحية الاضطرار أو نحوه ـ ومعه لا شبهة في صحة العبادة ، بل قد ذكرنا سابقاً أنّ العبادة صحيحة في فرض بقاء الحرمة وعدم سقوطها بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب وجوازه ، فضلاً عما إذا سقطت الحرمة.
وأمّا ما أفاده في النوع الثالث ، فلا يمكن تصديقه بوجه ، والصحيح فيه هو ما ذكره المشهور من أنّ دلالة النهي على التقييد متفرعة على دلالته على الحرمة فتنتفي بانتفائها ، والوجه في ذلك : هو أنّ ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من أنّه لا تقدم ولا تأخر بين عدم ضد ووجود ضد آخر وأ نّهما في مرتبة واحدة ، وإن كان في غاية المتانة والصحة بحسب مقام الواقع والثبوت ، وذلك لما ذكرناه غير مرّة من أنّ تقدم شيء على آخر في الرتبة بعد ما كان مقارناً معه زماناً لا يكون جزافاً ، وإلاّ لأمكن تقدم كل شيء على آخر بالرتبة ، بل كان بملاكٍ كتقدم العلة على المعلول رتبةً بعد ما كانت مقارناً معه زماناً ، فانّه قضية حق علّيتها عليه ، وتقدم الشرط على المشروط كذلك ، فانّه قضاء لحق الشرطية ... وهكذا ، ولا ملاك لتقدم عدم ضد على وجود ضد آخر رتبة أو بالعكس ، كما بيّنا ذلك في بحث الضد بشكل واضح فلاحظ (١).
ولكنّه لا يتم بحسب مقام الاثبات والدلالة ، بيان ذلك : هو أنّه لا شبهة في أنّ الأدلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير كقوله عليهالسلام « لا يحل
__________________
(١) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٢٩٠ وما بعدها.