مال امرئ مسلم إلاّبطيب نفسه » (١) ونحوه لا تدل على التقييد المزبور وعدم الوجوب إلاّبالدلالة الالتزامية ، ضرورة أنّ مدلولها المطابقي هو حرمة التصرف في مال الغير بدون رضاه لا ذلك التقييد وعدم الوجوب ، ولكن بما أنّ الحرمة تنافي الوجوب ولا تجتمع معه فلا محالة ما دلّ على الحرمة بالمطابقة يدل على عدم الوجوب بالالتزام ، نظير ما إذا أخبر أحد عن قيام زيد مثلاً ، فانّ إخباره هذا يدل على قصد الحكاية عن قيامه بالمطابقة وعلى عدم قعوده بالالتزام ، فانّ كل دليل يدل على ثبوت شيء لشيء بالمطابقة ـ سواء أكان إخباراً أو إنشاءً ـ يدل على عدم ثبوت ضدّه له بالالتزام ، فلو دلّ دليل على حرمة شيء فلا محالة يدل بالالتزام على عدم وجوبه ، وهذا من الواضحات الأوّلية.
ويترتب على ذلك : أنّ عدم التقدم بين عدم ضد ووجود ضد آخر أو بالعكس وعدم تفرّع أحدهما على الآخر بحسب مقام الواقع والثبوت ، لا ينافي الترتب والتفرع بينهما بحسب مقام الاثبات والدلالة ، بل قد عرفت أنّ ذلك من الواضحات ، بداهة أنّ الدلالة الالتزامية متفرّعة على الدلالة المطابقية وفي مرتبة متأخرة عنها وإن لم يكن بين ذاتي المدلولين ـ أعني المدلول الالتزامي والمدلول المطابقي ـ تقدم وتأخر في مقام الثبوت والواقع أصلاً ، فان ذلك لا يمنع عن كون دلالة الدليل على أحدهما في مرتبة سابقة على دلالته على الآخر ، بل الأمر طبعاً كذلك في جميع الامور المتلازمة في الوجود خارجاً ، فكلّما دلّ الدليل على وجود أحد المتلازمين بالمطابقة دلّ على وجود الآخر بالالتزام ،
__________________
(١) الوسائل ٥ : ١٢٠ / أبواب مكان المصلي ب ٣ ح ١ ، ٢٩ : ١٠ / أبواب القصاص في النفس ب ١ ح ٣ ( مع اختلاف يسير ).