ومن هنا قد ورد في روايات كثيرة أنّ البداء إنّما ينشأ من هذا العلم لا أنّه يقع فيه :
منها : ما رواه الصدوق باسناده عن الحسن بن محمّد النوفلي أنّ الرضا عليهالسلام قال لسليمان المروزي « رويت عن أبي عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه قال : إنّ لله ( عزّ وجلّ ) علمين : علماً مخزوناً مكنوناً لا يعلمه إلاّ هو ، من ذلك يكون البداء ، وعلماً علّمه ملائكته ورسله ، فالعلماء من أهل بيت نبيّك يعلمونه » (١).
ومنها : ما عن بصائر الدرجات باسناده عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال إنّ لله علمين : علم مكنون مخزون لا يعلمه إلاّهو ، من ذلك يكون البداء ، وعلم علّمه ملائكته ورسله وأنبياءه ونحن نعلمه » (٢).
الثاني : قضاء الله الذي أخبر نبيّه وملائكته بأ نّه سوف يقع حتماً ، ولا شبهة في أنّ هذا القسم أيضاً لا يقع فيه البداء ، ضرورة أنّ الله تعالى لا يكذّب نفسه ورسله وملائكته وأولياءه ، فلا فرق بينه وبين القسم الأوّل من هذه الناحية. نعم ، يفترق عنه من ناحية اخرى وهي أنّ هذا القسم لا ينشأ منه البداء دون القسم الأوّل.
وتدل على ذلك عدة روايات :
منها : قوله عليهالسلام في الرواية المتقدمة عن الصدوق « إنّ علياً عليهالسلام كان يقول : العلم علمان ، فعلم علّمه الله ملائكته ورسله ، فما
__________________
(١) التوحيد : ٤٤٣.
(٢) بصائر الدرجات : ١٠٩ / ٢.