بها حسب اقتضاء الحِكم والمصالح التي تختلف باختلاف الظروف والتي يحيط بها العلم الإلهي.
ومن ضوء هذا البيان يظهر بطلان ما ذهب إليه اليهود من أنّ قلم التقدير والقضاء حينما جرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلق المشيئة الإلهية بخلافه ، ومن هنا قالوا يد الله مغلولة عن القبض والبسط والأخذ والاعطاء ، ووجه الظهور : ما عرفت من أنّ قلم التقدير والقضاء لا يزاحم قدرة الله تعالى على الأشياء حين إيجادها ، حيث إنّه تعلق بها على واقعها الموضوعي من الاناطة بالمشيئة والاختيار فكيف ينافيها.
ومن الغريب جداً أنّهم ( لعنهم الله ) التزموا بسلب القدرة عن الله ولم يلتزموا بسلب القدرة عن العبد ، مع أنّ الملاك في كليهما واحد ـ وهو العلم الأزلي ـ فانّه كما تعلّق بأفعاله تعالى كذلك تعلّق بأفعال العبيد.
فالنتيجة : أنّهم التزموا بحفظ القدرة لأنفسهم وأنّ قلم التقدير والقضاء لا ينافيها ، وسلب القدرة عن الله تعالى وأنّ قلم التقدير والقضاء ينافيها ، وهذا كما ترى.
وبعد ذلك نقول : إنّ المستفاد من نصوص الباب أنّ القضاء الإلهي على ثلاثة أنواع.
الأوّل : قضاؤه تعالى الذي لم يُطلع عليه أحداً من خلقه حتى نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو العلم المخزون الذي استأثر به لنفسه المعبّر عنه باللوح المحفوظ تارةً وبامّ الكتاب تارةً اخرى. ولا ريب أنّ البداء يستحيل أن يقع فيه ، كيف يتصور فيه البداء وأنّ الله سبحانه عالم بجميع الأشياء بشتى ألوانها منذ الأزل لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة لا في الأرض ولا في السماء ،