لكلامه إطلاق في مقام الاثبات حتى يكون كاشفاً عن الاطلاق في مقام الثبوت ، بيان ذلك : أنّ الاطلاق أو التقييد تارةً يلحظ بالاضافة إلى الواقع ومقام الثبوت. واخرى بالاضافة إلى مقام الاثبات والدلالة.
أمّا على الأوّل : فقد ذكرنا غير مرّة أنّه لا واسطة بينهما في الواقع ونفس الأمر ، وذلك لأنّ المتكلم الملتفت إلى الواقع وما له من الخصوصيات حكيماً كان أو غيره فلا يخلو من أن يأخذ في متعلق حكمه أو موضوعه خصوصية من تلك الخصوصيات أو لا يأخذ فيه شيئاً منها ولا ثالث لهما. فعلى الأوّل يكون مقيّداً ، وعلى الثاني يكون مطلقاً ، ولا يعقل شق ثالث بينهما يعني لا يكون مطلقاً ولا مقيداً ، ومن هنا قلنا إنّ استحالة التقييد تستلزم ضرورة الاطلاق وبالعكس.
وأمّا ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره (١) من أنّ التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة كالعمى والبصر ، وأ نّه لا بدّ من طروئهما على موضوع قابل للاتصاف بالملكة [ وإلاّ ] لم يكن قابلاً للاتصاف بالعدم أيضاً وكذا العكس ، ولأجل ذلك لا يصح إطلاق الأعمى على الجدار مثلاً ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، ولذا قال قدسسره إنّ استحالة الاطلاق في موردٍ تستلزم استحالة التقييد فيه وبالعكس.
فلا يمكن المساعدة عليه بوجه ، وذلك لما ذكرناه مرراً من أنّ التقابل بينهما من تقابل التضاد لا العدم والملكة ، وأنّ استحالة أحدهما تستلزم ضرورة الآخر لا استحالته ، بداهة أنّ الاهمال في الواقع مستحيل فالحكم فيه إمّا مطلق أو مقيد ولا ثالث لهما.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤١٨.