ولو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة إلاّ أنّه لا يعتبر كون الموضوع لها أمراً شخصياً ، بل قد يكون الموضوع فيها نوعياً ولا يعتبر في مثله أن يكون كل فرد من أفراد الموضوع قابلاً للاتصاف بها ، بل يستحيل ذلك بالاضافة إلى بعض أفراده ، كما هو الحال في العلم والجهل بالاضافة إلى ذاته ( سبحانه وتعالى ) فانّ العلم بكنه ذاته تعالى مستحيل ، ومن الواضح أنّ استحالته لا تستلزم استحالة الجهل به ، بل تستلزم ضرورته رغم أنّ التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة. وكذا الحال في غنى الممكن وفقره بالاضافة إليه ( تعالى وتقدس ) فانّ استحالة غنائه عن ذاته سبحانه لا تستلزم استحالة فقره ، بل تستلزم ضرورته ووجوبه رغم أنّ التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة ، فليكن المقام من هذا القبيل ، يعني أنّ التقابل بين الاطلاق والتقييد يكون من تقابل العدم والملكة فمع ذلك تستلزم استحالة أحدهما في مقام الثبوت والواقع ضرورة الآخر لا استحالته.
وعلى الثاني : وهو ما إذا كان الاطلاق والتقييد ملحوظين بحسب مقام الاثبات ، فحينئذ إن تمكن المتكلم من البيان وكان في مقامه ومع ذلك لم يأت بقيد في كلامه كان إطلاقه في هذا المقام كاشفاً عن الاطلاق في مقام الثبوت وأنّ مراده في هذا المقام مطلق وإلاّ لكان عليه البيان. وأمّا إذا لم يتمكن من الاتيان بقيد في مقام الاثبات فلا يكشف إطلاق كلامه في هذا المقام عن الاطلاق في ذاك المقام والحكم بأنّ مراده الجدي في الواقع هو الاطلاق ، لوضوح أنّ مراده لو كان في الواقع هو المقيد لم يتمكن من بيانه والاتيان بقيد ، ومعه كيف يكون إطلاق كلامه في مقام الاثبات كاشفاً عن الاطلاق في مقام الثبوت.
الأمر الثاني : أن يكون المتكلم في مقام البيان ولا يكون في مقام الاهمال